113

0

تقليد جزائري عريق بين الحفاظ على التقاليد وعبء مالي يهدد استقرار الزواج

تعد " المهيبة" واحدة من العادات والتقاليد الراسخة في المجتمع الجزائري، وهي هبة يقدمها أهل العريس للفتاة في اليوم الثاني من عيد الأضحى أو عيد الفطر ، حين قدوم الخطيب وعائلته لتبادل التهاني.

نسرين بوزيان 

تهدف هذه العادة إلى تجديد عهد الزواج وتقوية الروابط بين العائلتين، ورفع مكانة العروس في بيت أهلها، إضافة إلى تكريمها وتشريفها أمام الجميع، ويترافق ذلك مع تقديم مجموعة من الهدايا التي قد تشمل جزءا من أضحية العيد مثل كتف أو فخذ، إلى جانب سلة فواكه وحلويات ومجوهرات وعطور.

غير أن هذا التقليد الذي يحمل دلالات رمزية كثيرة، بدأ يتحول في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشباب، خاصة غلاء المعيشة وارتفاع معدلات البطالة، من عادة اجتماعية جميلة إلى عبء مادي ثقيل يضاعف الضغوط على العرسان وعائلاتهم، 

وقد يدفع البعض منهم أحيانًا إلى استدانة الأموال  لشراء لحم الأضحية أو طلبه من الأقارب.

   وفي هذا السياق، يرى المختصون أن هذه العادة قد تؤدي أحيانًا إلى انفصال المخطوبين، بسبب التفاخر واستغلالها للضغط على الخاطب، وهو ما يعيق تحقيق الغاية الشرعية من الزواج.

     

 

تقليد اجتماعي وثقافي

في حديثه مع " بركة نيوز "، ابرز رئيس جمعية مهتمة بالموروث الشعبي "تراث" ، فاضل توفيق ، أن المهيبة هي " تقليد اجتماعي وثقافي في الجزائر، يهتم فيه أهل العريس بإكرام العروس بهدايا ثمينة في المناسبات الدينية، وتتفاوت هذه الهدايا بين الملابس والمجوهرات والعطور، كرمز لاحترام العروس وتقديرها".

مضيفا" أن هذه العادة تلعب دورًا هامًا في تعزيز العلاقات بين العروسين وعائلاتهم ، وخلال عيد الأضحى، قد تتضمن الهدية جزءًا من لحم الأضحية، غالبًا الكتف، إلى جانب الفاكهة والمكسرات وأدوات الزينة والعطور، مؤكداً أن “المهيبة” تعكس المحبة والاحترام بين الطرفين، وتسهم في تقوية الروابط الأسرية، وهي جزء من الثقافة الجزائرية وطقوس الاحتفال بالمناسبات الدينية."

 

 واجبا لم يشرع

من جانبه، أوضح إمام مسجد الغزالي بحيدرة بالعاصمة، عبد الرشيد بوبكري، ل " بركة نيوز " أن العادات الجزائرية تقوم على المحبة والتبادل الودي، مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا" ، مما يجعل للهدايا تأثيرا إيجابيا في تقريب القلوب وتعزيز المودة، خاصة بين الزوجين.

            وأشار بوبكري إلى أن الزواج التقليدي في الجزائر هو رباط بين العائلتين، وتعكس الهدايا طبيعة التقارب الأسري والعائلي ،  إلا أن هذه  العادة -حسبه -  مع مرور الوقت تحولت من تقليد اجتماعي إلى "واجب مالي ثقيل" على كثير من الشباب، خاصة إذا طال أمد الخطوبة، حيث أصبحت تشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا، مع أنه يكفي الزيارة والهدايا البسيطة للتعبير عن استمرار العلاقة بين العائلتين. 

مؤكدا أن الاسلام لم يفرض هذه العادة، بل الشرع أوجب المهر فقط، وأي تكاليف إضافية تكون برضا الطرفين.   

 

     

 

 

الطلاق والنزاعات بسبب تقاليد المهيبة

من جهتها، أشارت المحامية المعتمدة لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، مواج شهيرة،  في حديثها ل " بركة نيوز " إلى تفاقم الأزمة بسبب تشدد بعض العائلات في تطبيق هذه العادة، حيث وصلت إلى المحاكم طلبات طلاق ناجمة عن الخلافات المتعلقة بتكاليف "المهيبة"، خاصة مع رفض بعض الزوجات للهدايا البسيطة، وإصرار بعض العائلات على قيمتها المادية الرمزية، مما يثير القيل والقال ويهدد استقرار العلاقة الزوجية.
ودعت مواج إلى مراعاة الظروف المادية للأزواج، مؤكدة أن الهدايا البسيطة تعبر عن تقدير الزوج وتحترم وضعه الاقتصادي، كما حذرت من التقليد الأعمى الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشددة على أن الزوج ملزم فقط بالمهر. 
وأكدت على ضرورة قيام المختصين الاجتماعيين بتوعية المجتمع بشأن هذه الظواهر التي تساهم في تفكك الأسرة.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services