223

0

مساجد الجزائر تحث على مكارم الأخلاق في خطبة الجمعة

نشرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، خطبة الجمعة، لنهار اليوم 11 جمادى الثانية 1446 الموافق 13 ديسمبر 2024. 

ماريا لعجال

خطبة الجمعة والتي تناولت موضوع  مكارم الأخلاق، كانت مقسمة الى خطبتين القاها أأمة الجزائر عبر كافة مساجد التراب الوطني، وكانت كالتالي:

الخطبة الأولى:
"إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وسلم ما تعاقب ليل ونهار، وعلى آله وصحبه الأخيار. 
أيهاالمؤمنون: من تأمل تاريخ الأمم يجد عجباً؛ فما نهضت أمة من الأمم ولا قويت، ولا تمكنت ولا سادت؛ إلا كانت لها قيم وثوابت وأخلاق منحتها بعد توفيق الله القوة والصلابة والسيادة، وما بادت أمة أو تبعثرت أو فنيت أو عاقبها الله؛ إلا حينما فسدت أخلاقها، وذهبت قيمها وتبعثرت آدابها، وما قوم لوط وقوم ثمود وقوم صالح وأصحاب الأيكة وفرعون وقومه وقارون وهامان، وغيرهم إلا ضحايا لفساد الأخلاق ورداءة الطبع، وسوء الأدب مع الله، ثم مع أنبيائه ورسله، ثم مع أنفسهم فاستحقوا المسخ والغرق والصعق والتدمير.
إنما الأمم الاخلاق ما بقيت *** فإنْ همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا
أيها المؤمنون، إن من أهم مقاصد الإسلام تعزيز مكارم الأخلاق، فأرسل الله إلى هذه الأمة أكرم الناس خلقاً على الإطلاق صلى الله عليه وسلم، ومدحه بها، فقال سبحانه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].
 قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشيءٍ فعلته لم فعلته؟ ولا شيء لم أفعله ألا فعلت كذا؟"(متفق عليه)، فهو قمة الأخلاق وذروة هرمها.
و قال صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا، وخِيارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسائِهِمْ".
 وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ" قالوا: "يا رسولَ اللَّهِ قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ؟ قالَ: "المتَكَبِّرونَ".
إن الأخلاق منزلة عظيمة لا ينالها كلُ أحد، والناس متفاوتون فيها تفاوتاً عظيماً، وجميعنا مقصرون دون استثناء، ولكن هذا لا يمنع المؤمن من أن يتذكر أو يُذكر فيتوب إلى الله من التقصير، قال صلى الله عليه وسلم (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
فاللهم حسّن أخلاقنا، نعوذ بك من شر أنفسنا وشر وساوس الشيطان.
اللهم اجعلنا لك مخلصين شاكرين ذاكرين، ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا يا أرحم الراحمين.

وفي الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين.
أيها المؤمنون، إن ما المواطن التي تظهر فيها أخلاق المؤمن أو تنعدم، أخلاقه وأدبه مع الناس ومع أهله و أولاده ومع والديه ومع جيرانه ومع الناس عامة، وليعرض المؤمن نفسه على آيات القرآن الكريم،  وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم،  ليقيس قربه أو بُعده عن ميزان الإسلام الحق في قياس الأخلاق، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسراء: 23-24]، 
فهل نحن كما وصفت الآيات مع آبائنا وأمهاتنا ؟
وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فما مدى التزامنا بقول ربنا في معاملة أقاربها والبعيدين عنا في ما قال خالقنا ؟ أين أخلاقنا في تعاملنا في بيعنا في شرائنا في حديثنا مع الآخرين فيما نكنه في صدورنا للمسلمين؟ قال تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأنعام:152]، 
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الحجرات: 11].
وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)[الحجرات: 12].
قال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خلقُه"
أيها المؤمنون، إن من أعظم الخطأ، أن نترك هذا المقياس الرباني للأخلاق، ونلجأ إلى مقاييس البشر الفاسدة، إذا رأينا الطيب وصاحب الخلق والأدب مع أقاربه وجيرانه وأهله، الذي ما اشتكى منه أحد ولا تعرض لأحد فنقول: هذا مسكين، فنحكم عليه بالمسكنة والضعف، بل يتخذه البعض سخرية، كما كان الجهال يسخرون من أعظم الناس خلقا في كل زمان، قال الله تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).
أيها المومنون إن من واجب كل واحد منا أن يختبر أخلاقه في هذه الساعة ليرى مكانته ودرجته، فإذا كان على خلق وأدب فليحمد الله، ويثبت على ذلك، وإذا كان بعيداً عن الخلق والأدب فليراجع مساره، ويعاتب نفسه، ويراجع أخلاقه وأدبه.
نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا فنقوم أخلاقها،  و أن يقينا شر أنفسنا، وشرور شياطين الإنس والجن إنه على ذلك لقدير، والإجابة لجدير ..."

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services