170
0
تحليل الانعطاف السياسي ومراجعة التحالفات.

بقلم كمال برحايل
كلمة الانعطاف حسب معجم المعاني
تعني لغةً التغير المفاجئ في المنحى ، وهذا ما قراته في نتائج قمة التضامن الطارئةالعربية والإسلامية بالدوحة.
وقد تلمست هذا الانعطاف السياسي، في هذه المؤشرات حيث بدأ لي من الأول مرتبط بايران ، حيث ظهر اجماع ضمني على أن هاجس التهديد والرعب القادم من ايران قد ولى ، وسقطت جميع المبررات ولن تعدو قائمة، بل سينتقل إلى العالم من ضفة أخرى، و الثاني حول مراجعة التحالفات الإقليمية نرصده في محلل جريدة يديعوت أحرونوت، رونين برغمان ، عند قوله :"اعتقد انه علينا مشاهدة حدث كبير وبأيدي قطرية ، سيحدث قريباً هو إنشاء أكبر قاعدة عسكرية صينية في الدوحة"، والثالث الذي يستحق التوقف عنده ، هو نشر صحيفة لوموند الفرنسية لمقال لوجهان من الثقافة الاسرائليه نعوم بن زيف و ياىيل بيرلوف بعنوان " هل بقيت الكلمات لوصف الرعب الذي الحقنا بغزة " ويقول " يقال ان الموسيقى تبدّا حيث تتوقف الكلمات وهذه جريمة بحق شعب بأكمله ، يصفها القانونيين بانها إبادة جماعية ، وقد ادركت أنه يجب علي المقاومة فجريمة بهذا الحجم تتطلب أفعالا ".
وهذه المؤشرات الثلاث تحمل دلالة واقعية عن العبءالسياسي والأخلاقي لاستمرار الحرب على غزة والتساؤل عن ماذا تحقق ، حيث عجزت في فرض واقع جديد طيلة العامين ، ولعل بدخول النخبة الثقافية في ادانة سلوك إسرائيل ، سيفتح منبر جديد في التعاطي مع إدارة الحرب .
وخلاصة البيان الختامي جاء بسقف التوقعات الممكنة ،بمعنى استكمال المساعي السياسيّة كبديل عن المنحى التصاعدي للنزاع العربي الإسرائيلي ، وهذا في حد ذاته يعطي رسالة ذات مغزى حضاري للعالم .
وتاريخيا ان اللجوء لاستخدام القوة لم ولن تحسم النزاعات الدولية إطلاقا ، وفي الغالب تنتهي بمحادثات سواء استسلام أو التسوية، في حدود تنازلات متبادلة بين الأطراف المتحاربة.
من مبدأ الذي يبدأ الحرب لا ينهيها ، وأيضًا بسبب تدخل عوامل أخرى ، قد تعجل بإنهاء النزاعات.
وتمخض عن القراءة التحليلية بالكشف عن خطوات لاحقة، على الصعيد الدبلوماسي والقانوني لمساءلة إسرائيل عن المجازر ، و تفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية وهي سابقة في تاريخ القمم العربية.
ان حجم التحول الإيجابي في المناخ السياسي العربي هو لهجة الخطاب ، ومن وقع ونبرة الكلمات المتتابعة لقادة الدول ، يدرك حقيقة حجم التحدي، واستذكر هنا مقولة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل "حينما أخبروه بان سماء بريطانيا تحت القصف سأل عن حال التعليم والقضاء ، قالوا التعليم مستمر و القضاء العادل فقال لهم لا تخافوا نحنّ بخير ".
وفي هذا الظرف حيث يقتضي الحكمة الاستبصار وعدم المخاطرة في الشؤون الدولية، والبحث عن البدائل المتاحة بمرجعية مؤتمر السلام بمدريد ،حين اضطرت الفواعل الدولية على إشراك كافة الأطراف المتناقضة، وسعت لإطلاق مسار السلام في الشرق الأوسط ، واقتبس هنا مقتطف من كلمة رئيس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي وهو يقول " نحن شعب فلسطين نقف أمامكم تمتلىء ألماً و كرامةً بقدر ما نمتلىء بالتوقع والأمل بعدما طال توقنا للسلام وطال حلمنا بالعدالة والحرية" .
والملحوظ هو التباين في المواقف وهو أمر طبيعي ويستوجب القراءة الموضوعية ، بما تقتضيه خصوصية كل دولة اعتباراً لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ، وهذا تفسير لطبيعة تطور بناء الدولة العربية ،وهنا تستحيل المقارنة بسبب تعقيدات السياسة الدولية ، وخاصةً مرحلة الوفاق الدولي والحرب الباردة. هذه المحطات ، أثرت في تشكّل الموقف نتيجة ، التدرج من الطابع القومي والإنتقال لفكرة التحرر الوطني، ومنه إلى المواجهة والاستنزاف ،اعقبته مبادرة السلام المصرية كسابقة في الصراع، ثم جاء مؤتمر السلام بمدريد والذي كان نقطة التحول ، بقبول منظمة التحرير الفلسطينية المسار التفاوضي مع إسرائيل، وتوقيع اتفاق واشنطن لإعلان المبادئ.
إضافة إلى الاجماع في الخطاب الصادر من روساء ايران العراق وتركيا والباكستان وماليزيا، الذي يشترك المبادرة الى تشكيل التحالف الإسلامي، ثم الدعوة لوحدة الصف وتعليق العضوية، مع زيادة العقوبات وقطع العلاقات مع إسرائيل.
ومن الخيارات المستجدة في السياق الإقليمي هو القدرة على مراجعة التحالف التقليدي ، المرتبط بالغرب وهي من الإفرازات الجديدة لقمة منظمة شنغهاي للتعاون بتيانجين، وهو إطار للحوار والتعاون وحماية المصالح الحيوية لدول مجلس التعاون الخليجي ،وهذا ما يعتبر سابقة قياساً بالقمم السابقة .
آخر الكلام : مقتبس من أفلاطون .
" ان العقل الذي يسمو في معرفة الحقائق الأبدية، لا يفنى حيث يتداعى الجسد ".

