56
0
من وعد بلفور الى الحرب على غزة...ندوة صحفية لاستذكار الوعد المشؤوم وتداعياته على المنطقه

أكد فايز أبو عيطة سفير دولة فلسطين بالجزائر، على أن الاحتلال يتعمد حرمان الفلسطينيين من الحد الأدنى للعيش الكريم، في وقت يستمر فيه القصف والدمار، في مشهد مأساوي يعد امتدادا طبيعيا لتداعيات الوعد المشؤوم الذي مهد لقيام الاحتلال على أرض فلسطين.
نسرين بوزيان
وأشار أبو عيطة، لاستمرار الجريمة الصهيونية المتمثلة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من غياب أبسط مقومات الحياة.
تداعيات مستمرة والمأساة الفلسطينية
وفي هذا السياق، استعرض السفير الفلسطيني خلال ندوة صحفية بمقر السفارة بمناسبة الذكرى الـ108 لوعد بلفور المشؤوم، تداعيات ذلك الوعد الذي أدى عام 1948 إلى إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، متسببا في مأساة ونكبة تاريخية ما تزال آثارها مستمرة حتى اليوم.
وأشار أبو عيطة إلى الجذور التاريخية لوعد بلفور، مبينا أن الفكرة بدأت منذ مؤتمر بازل للحركة الصهيونية في سويسرا عام 1897، حين كانت الحركة تبحث عن موقع لإقامة دولة لليهود، مؤكدا أن وعد بلفور لم يكن قرارا بريطانيا منفردا، بل جاء نتيجة تآمر القوى الإمبريالية الكبرى في تلك الحقبة، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، بهدف الهيمنة على فلسطين والمنطقة العربية.
وأضاف السفير أن هذا الوعد خلف نتائج كارثية، حيث شجعت بريطانيا والولايات المتحدة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، واللجوء إلى ممارسة ضغوط متعددة لدفع اليهود إلى الهجرة.
كما أشار إلى أن منظمات صهيونية نفذت تفجيرات ضد يهود في بعض الدول العربية مثل مصر والعراق لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.
وبين أبو عيطة أن تقسيم فلسطين إثر وعد بلفور مثل ترتيبات استعمارية جديدة، إذ أصبحت الضفة الغربية والقدس تحت إدارة الأردن وقطاع غزة تحت إدارة مصر حتى عام 1967، حين سيطر الاحتلال الصهيوني على كامل الأراضي الفلسطينية بعد هزيمة الجيوش العربية، مبرزا أن الاحتلال تسبب في تهجير أكثر من سبعة ملايين فلسطيني إلى المنافي والشتات، ما زاد من معاناة الشعب الفلسطيني وأبقاه في مواجهة مباشرة مع تحديات الاحتلال.
غزة محرومة من أبسط مقومات العيش
وفي حديثه عن الأوضاع الراهنة، أشار السفير الفلسطيني إلى أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم يعد من أبشع صور الإبادة في التاريخ الإنساني، من تجويع وحصار وتهجير قسري.
وأكد أن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، متمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مشددا على أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وأن الشعب الفلسطيني رغم الألم والمعاناة لا يزال صامدا ومتمسكا بحقوقه.
وأشار السفير إلى أن هناك جرائم بشعة ترتكب يوميا بحق المدنيين في غزة، وروى حادثة مؤلمة نقلها عن أحد أصدقائه في القطاع، حيث "فقدت امرأة جنينها في الشارع وكانت تستغيث لإنقاذه، لكنها لم تتمكن من الاتصال بسيارات الإسعاف بسبب الظروف القاسية" مؤكدا أن مثل هذه المشاهد تمثل أدنى صور المعاناة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون تحت القصف والحصار.
وشدد أبو عيطة على أنه لا توجد أي مقومات للحياة في قطاع غزة، قائلا: "لا مدارس، لا عيادات، لا خيام، ونحن على أبواب فصل الشتاء"، مؤكدا أن الاحتلال يتعمد حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة، فيما يستمر القصف والدمار، وقد شهد أحد الأيام سقوط 140 شهيدا في يوم واحد، ما يعكس استمرار الإبادة بأشكال مختلفة.
ثبات الجزائر في دعم فلسطين
ودعا السفير المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف حرب الإبادة بكل أشكالها ضد الشعب الفلسطيني، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.
كما ثمن المواقف الجزائرية الثابتة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون في دعم القضية الفلسطينية، مذكرا بدور الجزائر التاريخي حين أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطين من الجزائر العاصمة في 15 نوفمبر 1988، خلال الدورة التاسعة للمجلس الوطني الفلسطيني، مؤكدا أن ذلك الإعلان نص على الالتزام بالسلام وقرارات الشرعية الدولية، ما فتح باب الاعترافات الدولية المتتالية بفلسطين.
وفي ختام حديثه، قدم أبو عيطة تهانيه للشعب الجزائري وقيادته بمناسبة الذكرى الواحدة والسبعين لاندلاع الثورة الجزائرية المجيدة، مؤكدا عمق الروابط التاريخية بين الشعبين ودور الجزائر المستمر في دعم القضية الفلسطينية.

وفي تصريح خاص لـ "بركة نيوز"، قال الكاتب والباحث والروائي الفلسطيني مهند طلال الأخرس إن بريطانيا تتحمل المسؤولية التاريخية الكاملة عن إصدار وعد بلفور المشؤوم، الذي مثل أحد أبرز مظاهر الاستعمار والبطش وسلب حقوق الشعوب في التاريخ الحديث.
وأوضح الأخرس أن بريطانيا، التي كانت تعرف آنذاك بـ"العظمى" بفعل توسعها الاستعماري وسطوتها على الشعوب، مارست أبشع صور الاحتلال، وكان وعد بلفور تجسيدا لسياسة استعمارية ظالمة منحت أرض فلسطين لمن لا يملكها على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ.
وأشار إلى أن هذا الإعلان البريطاني الجائر أدى إلى نكبة وتشريد الفلسطينيين عام 1948، وأسس لمسار طويل من المعاناة والحرمان ما زال مستمرا حتى اليوم في حرب الإبادة والتدمير الوحشي التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة وسائر الأراضي المحتلة.
وشدد الأخرس على أن بريطانيا مطالبة اليوم بالاعتذار الرسمي عن هذا الوعد، ومحاسبة نفسها على ما ترتب عليه من مأسي وجرائم تاريخية بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن صمت المجتمع الدولي شجع الاحتلال على الاستمرار في سياساته الإجرامية.
وفي السياق ذاته، أبرز الأخرس أن الشعب الفلسطيني نجح عبر العصور في البقاء والصمود رغم ما مر به من مظالم وقهر، موضحا أن الفلسطينيين ظلوا جزءا فاعلا في الدورة الحضارية والثقافية والإنتاجية، واستطاعوا تحويل معاناتهم إلى فعل حضاري مقاوم أعاد التوازن بين سطوة المستعمر وإرادة الشعب المظلوم.

