117

0

سعدي: المنظومة التربوية و التعليمية بحاجة لتحيين علمي دقيق يواكب مستجدات العصر الحديث

 مؤخرا عرف  قطاع التربية والتعليم في الجزائر  جملة من الإصلاحات التربوية التي تتماشى  و  المجتمع الجزائري  و تطلعات دولته، خاصة ما ارتبط بالتنمية المستدامة التي تفرض ترقية السياسات العامة للتعليم و التربية الوطنية عبر تطوير البرامج و المناهج التربوية التعليمية و تحسين البيئة العامة للتدريس وكذا تحقيق قفزة نوعية في مجال تكوين الموارد البشرية" الأساتذة و المشرفين التربويين ...".

حاورته شيماء منصور بوناب

وفي هذا الصدد كان لطاقم بركة نيوز لقاء حصري مع حميد سعدي رئيس الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ للحديث عن واقع قطاع التربية و التعليم بالجزائر و أهم التحديات التي تواجهه.

بداية وقبل الحديث عن الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ وجب الحديث عن شخصكم و أهم المحطات التي سبقت توليكم منصبكم الحالي.

 أولا و في البداية أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة بركة نيوز على هذا اللقاء المميز الذي يسلط الضوء على أهم قطاع بالجزائر،  ألا وهو قطاع التربية و التعليم الذي  يحمل في طياته محاور كبرى  تلعب دورا بارزا في تحريك عجلة التنمية المحلية.

وأما عن شخصي، فما يسعني أن أقول إلا أني ابن المجتمع المدني ناشط في مجال الجمعيات الخيرية منذ أن تخرجت من الجامعة في تخصص المالية، أسعى للارتقاء بالعمل الجمعوي و كل ما يهم الصالح العام، انخرطت في مجال التربية و التعليم عندما بدأ أطفالي الدراسة كتلاميذ داخل المؤسسات الوطنية، في تلك الفترة فقط  تولّد بي شأن من الفضول و الرغبة في تنمية و تطوير النظام التعليمي من خلال توضيح المسؤوليات و الحقوق للتلاميذ و أوليائهم في المنحى الذي يساعد على تحسين البيئة العام للتدريس، ومنه كانت الانطلاقة داخل الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ.

 تحقيق نظام تعليمي عالي الجودة ومنفتح على التطور والتحسين المستمر هو من بين أهم أهداف الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، من هذا المنطلق ماهي خلفية تأسيسه وأهم أهدافه المسطرة؟

بداية أقول أن التعامل مع الوسط التربوي، يحمل من المسؤولية ما لا يمكن ادراكه بسهولة ، خاصة اذا وقع الأمر على التلاميذ الذين يعتبرون حجر الأساس في المجتمع التربوي التعليمي، الذي فرض علينا كأولياء الأمور  تكثيف الجهود وتأسيس اتحاد وطني لأولياء التلاميذ بهدف تحسين نظام التعليم وتعزيز البيئة التعليمية لجميع التلاميذ.

ويعتبر الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ  جمعية وطنية ذات طابع تربوي واجتماعي انطلق في مساره من فرع مدرسي  تحت لواء جمعية أولياء التلاميذ، فكانت البداية سنة 2019  ثم العمل الرسمي القانوني بعد تحصيل الاعتماد سنة 2020 الذي كان الخطوة الأولى نحو بداية  الانتشار في 38 ولاية  ولا يزالا العمل لتحقيق الشمولية في كامل التراب الوطني  .

ومن أهدافه الرئيسية، المحافظة على الحقوق المادية والمعنوية للتلاميذ  التي تربطهم بمؤسستهم وادارتها ، في إطار تعزيز المشاركة  الفعالة في النشاط الثقافي التربوي  الذي يمثل قوة اقتراح تمس كل  الاحتياجات و النقائص المتواجدة على الساحة العامة.

 كما يعمل الاتحاد على دراسة تلك النقائص بنظرة واقعية ثم تحويلها لإصلاحات وتوصيات ترفع للجهات الرسمية، خاصة ما تعلق منها   بتطوير التربية والتعليم بمختلف جوانبها، وأشدد في ذلك على  البرامج و المناهج التعليمية في شقها العلمي و الرياضي و الثقافي و الديني و البيئي و الاجتماعي ايضا .

الارتقاء بالتعليم إلى مستوى يضع بلدنا في مقدمة الأنظمة التعليمية العالمية، يراعي تحسين البرامج التربوية بما يتوافق مع مستجدات العصر الحديث وتبعات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، تعليقكم لذلك.

بخصوص البرامج التربوية، فهي في مقدمة  المعضلات المتداولة في الوسط الجزائري ، باعتبارها أمر  حساس متعلق بمدى نجاعة المنظومة التربوية وكذا بالمستوى التعليمي للتلاميذ ، وعلى ذلك نظم الاتحاد   ثلاثة ملتقيات وطنية عالجت البؤر الأساسية للمسار التربوي التعليمي بما فيها  المناهج التعليمية  و المراقبة التربوية للتلاميذ ، التي كللت بتوصيات علمية دقيقة تمت مرافعتها على مستوى الوزارة ليتم العمل على تحيينها و تطبيقها.

  كما أن تحيين البرامج التعليمية، يأتي استجابة للمتغيرات العامة للمجتمع و للعالم خاصة ما تعلق بتبعات التكنولوجيا و الرقمنة والذكاء الاصطناعي الذي فرض على المنظومة التربوية  العمل وفق مقاربة جديدة تدمج بين الوسائط الرقمية و الأسس التربوية بطريقة تعليم حديثة  من شأنها الرفع من مستوى استيعاب التلميذ  كما تقربه من واقعه اكثر بصورة أكثر فاعلية.

تحسين المنظومة التربوية و تطوير برامجها، يفرض تعزيز الجهود المشتركة بين القطاعات ذات الصلة، من بينها وزارة التربية الوطنية، في هذا السياق   ماهي الاتفاقيات المبرمجة في هذا المجال؟

نعم،  في هذا المجال  أوضح بأنه و بفضل تنوع أهداف وأنشطة الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ،  الذي يعد  جزءًا حيويًا من المجتمع التربوي والاجتماعي،   أصبح يعمل بالتنسيق مع وزارة التربية والجمعيات المحلية والدولية ذات الصلة لتحقيق تطوير مستدام في التعليم وتحسين فرص التلاميذ للنجاح والتفوق في إطار تحقيق التنمية.

 ومنه أشيرا إلى أن متابعة كل ما يخص المنظومة التربوية هو أحد أهم أدوار الاتحاد،   باعتباره شريك اجتماعي يسعي لتحقيق التنمية، بعدة وسائل وآليات   من بينها المراقبة الدورية والتقييم العلمي للمناهج التي نجدها مع الأسف لا تزال خاضعة، للنمط التقليدي الذي أصبح أمرا عتيقا لا يمكن اعتماده اليوم بحكم التطور المستمر الحاصل في العالم.

بما أن الموارد البشرية  تلعب دورا بارزا في تطوير البنية التحتية لقطاع التربية الوطنية و التعليم، فقد أصبح من الضروري تعزيز البرامج التكوينية التأهيلية للأساتذة  و المشرفين التربويين في إطار الاستثمار في التعليم  واعطائه النصيب الكافي من الاهتمام.ة، ما رأيكم؟

التغيير و التحيين رغم كونه حتمية لا مفر منها ،إلا أن الأمر لا يكون بتلك السهولة لأنه مرتبط بالعقليات أو الذهنيات السائدة التي ترفض التغيير، وهو ما يجعل مجابهتها من الأمور المستعصية، التي تأخذ بعين الاعتبار مسؤولية توجيه الإطارات التربوية والتعليمية و اخضاعها لحتمية مواكبة  المستجدات بعدة آليات تقرب لأذهانهم فكرة  المدارس النموذجية .

وهنا أشيد بدور  التكوين وتأهيل الأساتذة و المشرفين التربويين بصفة دورية تنطبق مع معايير التجديد والرقمنة والتطور التكنولوجي الحاصل.

كما لابد من تعزيز التكوينات التي تتعلق بفنون التواصل و الاتصال و التعامل خاصة بالنسبة للأساتذة المتخرجين الجدد الذين  لم يلتحقوا بالمدرسة العليا للأساتذة.

بالتركيز على أكبر التحديات التي تواجه العملية التعليمية، في رأيكم ماهي تلك الرهانات وكيف يمكن مجابهتها .

الحديث عن  التحديات يقودنا للبحث في خلفية التعليم بالجزائر،  الذي يحتاج مثابرة وطنية  لتحسين البيئة العامة للتدريس سواء من ناحية التلقين أو التكوين و التفاعل وكذا المراقبة و التوجيه السليم.

وأركز في هذه النقطة على ضرورة تفعيل آليات التوجيه و الاستشارة لفائدة أبنائنا و تلاميذنا الذين هم بعمر المراهقة و التي تعتبر المحور المفصلي بين حياة الرشد و الطفولة، و على ذلك نعمل كاتحاد على تعزيز الجهود التي تنمي قدرات المراهق و كذا تصقل مواهبه و تنظم أفكاره في مختلف الأصعدة.

في ذات المنحى نجد أن أغلب التحديات التي تمس قطاع التعليم  تكون مرتبطة بمجال الذكاء الاجتماعي  الذي لابد ان نخصص له برامج متطورة تربط التلميذ بعالمه الاجتماعي كما تساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية للخروج من النمطية المعروفة  من خلال تطوير المناهج و البرامج التعليمية التربوية ذلك دون المساس بالعادات و التقاليد المجتمعية.

ومن جانب الثقافة القانونية أُعرج لأكبر تحدي في هذا القطاع و الذي يكمن في غياب التكوين للأولياء، الذين نجدهم غير واعون بمسؤولياتهم و ادوارهم وحقوقهم في السياق التربوي، وعلى ذلك يعمل الاتحاد على  ارجاعهم للسكة الصحيحة بأطر قانونية تحفظ خصوصيتهم و مسؤوليتهم.

 

تبعا لما تفضلتم به، نجد أن ضعف المناهج التربوية و عدم مواكبتها للعصر الحديث، أحدث فجوة عميقة داخل المنظومة التربوية،  ماهي المساعي التي حققها الاتحاد في هذا المنحى مع الاشارة لأبرز الاقتراحات التي تعملون على تطويرها ؟

حقيقة المناهج التربوي كما سبقني الذكر بحاجة ماسة للتطوير و التحسين ، لذلك عمل الاتحاد على تقديم عدة اقتراحات و توصيات جديدة من شأنها الارتقاء بالمنظومة التربوية التعليمية بالجزائر في اطوارها الثلاثة و على المستوى القريب و المتوسط.

فنجد أنه وعلى المستوى القريب لابد من تخفيف العبء الدراسي عن التلاميذ، واقتراح إلغاء نظام الدرجات في المرحلة الابتدائية مع تكوين عالي المستوى للمعلمين في طرق التدريس الحديثة، خاصة لغير خريجي المدارس العليا كما لابد من الاهتمام بالأقسام المدمجة واعتماد نموذج "الاستجابة للتدخل" (RTI) لدعم التلاميذ ذوي صعوبات التعلم.

بينما  على المستوى المتوسط فنراعي  إجراء دراسات علمية شاملة للمناهج التعليمية بالتعاون مع المخابر الجامعية المتخصصة. ترتكز على تبني برامج تعليمية مبنية على نتائج الدراسات العلمية وتحت إشراف خبراء في التربية وعلم النفس فضلا عن تجريب البرامج الجديدة في مؤسسات محددة مع تكوين مستمر للمعلمين.

وأنوه في هذا الصدد  لمراجعة مضامين الكتب المدرسية لتتوافق مع القيم المجتمعية  بما فيها العادات و التقاليد لتكوين جيل واعي بمقوماته و تراثه فضلا عن تعزيز التكوين النفسي والتربوي للمعلمين والمفتشين، دون تناسي تحسين دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المنظومة التربوية.

كلمة ختامية......

قبل أن أختم كلامي، من الضروري الإشارة إلى نقطة مهمة في قطاع التربية و التعليم  قد فاتني الحديث عنها وهي اكتظاظ المدارس و الأقسام التي تصل الى خمسين تلميذ حسب اخر استطلاع قمت به، وتزيد النسبة حسب المدن و سكانها ،ومن ذلك أدعو السلطات الرسمية النظر في هذه الزاوية لأنها تؤثر على عده أصعدة بما فيها قدرة الاستيعاب وكيفية التسيير المنهجي داخل الحرم المدرسي وكلها ظروف من شأنها التأثير سلبيا على ادراك التلميذ ومستواه التعليمي.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services