222

1

روائية جزائرية تكتب من أحلام الطفولة إلى ضمير الوطن

من ربوع المدية، أشرقت موهبة روائية وأديبة جزائرية، شقت طريقها بصمت وثبات، لتخط اسمها بحروف من تفرد في سجل الأدب الجزائري المعاصر، حاملةً بين سطورها رسالة واعية إلى النشء الجديد.


شروق طالب 


فطيمة بوزادة، كاتبة روائية، وفي نفس الوقت أستاذة  تحضيري في مدرسة خاصة، ومربية أطفال، اختارت أن تمزج بين الأدب والتربية، بين الطفولة والوطن، بين الوجع والحب، لتصنع عالما أدبيا يحمل بصمتها الخاصة.

بوزادة تحمل شهادة ماستر أكاديمي في إدارة الموارد البشرية وإدارة الأعمال، إضافة إلى تقني سامي في الإعلام الآلي.
كما أنها حاصلة على شهادات عديدة في مجال تربية الأطفال، التنمية الذاتية، الخطابة، والتعليق الصوتي، فضلا عن شهادات في العلوم الشرعية من الأكاديمية الدولية للعلوم الشرعية.

بداية الرحلة: من المسرح

لم تكن الكتابة طارئة على  بوزادة، فمنذ سنواتها الأولى في المرحلة الابتدائية، بدأت بقراءة الشعر الجاهلي، وكان لديوان امرؤ القيس دور كبير في تشكيل أولى محاولاتها الأدبية، حين كتبت قصائد عن الأم، والحرمان العاطفي، وحب الوطن.

كما شاركت في مسرحيات مدرسية منذ الطفولة، أبرزها "سامح صديقك" و"العجوز المسكينة"، لتلتحق لاحقا بجمعية "كنوز الثقافية"، وتنشئ فرقة مسرحية في 2012، ما جعل المسرح يشكل جزءا من هويتها الأدبية والتربوية.


قصة "الفأرة المثابرة"

وبالحديث عن أولى مؤلفات محدثتنا، كشفت بوزادة أنه كان عمل موجه للقصص الأطفال،   يدور في إطار تربوي رمزي حول عائلة فئران تضطر للهجرة من غابة جميلة بسبب الظروف القاسية، وتنتقل إلى المدينة.

الفأرة المثابرة وهي بطلة القصة، تحمل حلم العودة لنشر السلام، وتحمل معها رسالة حب الوطن والتمسك به مهما كانت الأزمات.

ونوهت بوزادة ان القصة مستوحاة من العشرية السوداء، هذه المرحلة التي عانت فيها الجزائر، وخاصة فئة الاطفال.

اما عن الهدف التربوي من القصة هو تعزيز قيم السلام والانتماء الوطني لدى الأطفال، وفي ذات المنحى تعد إضافة مميزة للأدب الموجه للصغار.

"فطمت": مجموعة خواطر من خمسة محاور

من الوهلة الأولى، يتبادر الى ذهن القارئ انها رواية موجهة للنساء فقط، نظرا لاسمها الانثوي، غير ان فطمت هو عبارة عن كتاب يحمل خمس محاور رئيسية، على غرار  الحب، الاشتياق، الوجع، فلسطين، حب الوطن، والصرخات الخفية.

جمعت كاتبتنا في هذا العمل،بين القضايا الشخصية  كالاحاسيس والمشاعر،  وقضايا الأمة، كالانتماء والإحساس بالغير،  في قالب نصوص نبعت من تجربة شخصية أو حدث واقعي، مثل حرائق الغابات سنة 2022، أزمة كورونا، أو مختلف المناسبات كعيد المرأة.

وتوضح بوزادة أن هذه الخواطر، وإن بدت بسيطة في ظاهرها، إلا انها تحمل من العمق والصدق ما يجعلها تلامس شغاف القلب، دون أن تقتصر على فئة بعينها، فهي تخاطب الإنسان في كل حالاته، بلغة شعرية تنبع من الوجدان.


رواية "المشوّهون داخلياً"

وبالحديث عن هذا المؤلف، الذي لقى صدى واسعا بين القراء، ذكرت بوزادة، بانه جاء في قالب روائي، يجسد عدة جوانب، لاسيما الجانب الإجتماعي، النفسي، والديني، وكذا الرومانسي.

وقد بدأت الكاتبة في كتابته منذ عام 2011، وواصلت العمل عليه حتى سنة 2024.

في هذه الفترة،  قررت بوزادة أن تكتفي بتوثيق التاريخ من خلال الروايات الشفوية التي كان يسردها والدها، إضافة إلى قصص شخصية مرت بها الكاتبة وتجاوزتها، إلا أنها أرادت أن تضفي عليها جوانب أخرى، تمزج بين الواقع والخيال.


الرواية  تحمل طابع تاريخي،  وتدور أحداثها في ولاية المدية، التي تعتبرها الكاتبة لم تأخذ حقها في التوثيق التاريخي الكافي.

وتحكي الرواية عن البطلة "زهرة"، التي تتدرج من معاناة قاسية ومحاولات انتحار إلى أن تصبح ضابط شرطة وطالبة جامعية تحقق السلام الداخلي بالعودة إلى الله.

وحسب بوزادة فإن الرواية تحمل رسائل عميقة عن العلاج النفسي، الإيمان، والتصالح مع الذات.

قضايا عربية

هذا وتطرقت الكاتبة إلى قضايا العالم العربي، حيث خصصت فصولا عن فلسطين، تونس، المغرب، موريتانيا، النيجر، السودان، مصر، سوريا، لبنان والعراق.
وذلك انطلاقا من إيمانها بأن الأدب يجب أن يكون صوتا للوطن العربي الكبير، وأن الكاتب مسؤول عن نقل هموم الأمة وأحلامها.

بين العوائق والنجاحات
في بداية مشوارها الأدبي، واجهت بوزادة تحديات في النشر، حيث وجدت في دار "المجدد" منبرا لتقديم أول أعمالها.
ومع كل عمل جديد، كانت تتلقى ملاحظات تشجيعية من دور النشر والمختصين، الذين رأوا في كتاباتها إبداعا أصيلا يحمل رؤى مستقبلية.

المزج بين الكلاسيكي والعصري... سلاح أدبي

والملاحظ في مؤلفات بوزادة هو المزج بين الالوان الادبية، وذلك إيمانا منها أن اللمسة العصرية لا تعيق الكاتب بل تمنحه حرية التعبير بشكل أوسع. 
فهي ترى أن التنوع بين الأشكال الأدبية من الرواية، إلى القصة، إلى الخاطرة والمقال، يتيح لها التعبير عن نفسها وعن قضايا مجتمعها بكل أبعاده، الاجتماعي، السياسي، الديني، والتاريخي.

وفي الاخير وجهت بوزادة رسالة إلى القارئ، حيث قالت 
"الإنسان لا يجب أن يتوقف بسبب الألم أو الظروف الصعبة. المآسي قد تعرقل، لكنها أيضًا تصنع القوّة.
مضيفة "أكتب لأنني أومن أن التغيير يبدأ من الكلمة، وأن الأدب يمكن أن يغيّر مجتمعات بأكملها."

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services