617

0

الرواية والسينما على منصة إيمدغاسن

واسيني الأعرج يكشف كواليس "الأمير" ويناقش جدل السياسة في الفن

في إطار فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للسينما إيمدغاسن، تحولت قاعة المسرح الجهوي الدكتور صالح مباركية باتنة اليوم الخميس ،إلى فضاء حي للحوار بين الأدب والفن السابع، حيث إجتمع كتاب وناقدة ومخرجون وطلبة و فنانو وهواة السينما لمناقشة واحدة من أعقد الثنائيات: "علاقة الرواية بالسينما".اللقاء الذي أشرف عليه الروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج و بحضور كوكبة من السينمائيين ابرزهم الناقد السينمائي سليم آڨار.

ضياء الدين سعداوي 

حيث  فتحت أبواب النقاش أمام قضايا إبداعية وسياسية شائكة، في مشهد يليق بمهرجان يسعى لترسيخ مكانته كمنصة فكرية وفنية على الصعيدين الوطني والدولي.

"الأمير": من الرواية إلى الشاشة

بهدوءه المعهود ودقة عباراته، كشف واسيني الأعرج أمام الحضور تفاصيل مشروع فيلم "الأمير عبد القادر" المقتبس عن روايته الشهيرة الأمير و في تصريحه للصحافة قال: "المرحلة الأولى من إعداد السيناريو أشرفت على الإنتهاء بعد ستة أشهر من العمل، حيث جمعنا مادة تمتد من ولادة الأمير إلى غاية نقل رفاته، في ما يقارب ألفي صفحة، ستوضع تحت تصرف كاتب السيناريو والمخرج اللذان سيتم اختيارهما لاحقاً"، مؤكداً أن المشروع ليس مجرد عمل فني، بل ذاكرة وطنية توثق سيرة قائد .

النقاش دار بحضور الناقد السينمائي سليم آڨار، المدير العام لمؤسسة "الجزائري" المكلفة بالإشراف على المشروع، حيث منح النقاش بعداً مؤسسياً، خاصة مع انخراط لجنة استشارة وخبرة تضم أسماء وازنة مثل جمال يحياوي، أحمد بجاوي، وعمر درياسة.

السياسة حين تتدخل في الرواية والسينما

 الملتقى لم يقتصر على الجانب الإبداعي التقني، بل سرعان ما انفتح على إشكالية حساسة المتمثلة في تدخل السياسة في مسارات تحويل الروايات إلى أفلام.د، وهنا استشهد واسيني الأعرج بتجربة مثيرة للجدل تخص رواية الهجوم (L’attentat) لصاحبها محمد بولسهول المعروف أدببا ب ياسمينة خضراء، هذا العمل الأدبي الذي  صدر عام 2005 وتحولت إلى فيلم في 2012.

يقول واسيني: "ياسمينة خضراء تبرأ من الفيلم بعد صدوره، لكن ذلك لم يغير شيئاً، لأن الرواية بعد بيع حقوقها أصبحت في قبضة المنتج، الإشكال أن الرواية التي انتصرت للفلسطينيين جرى تحويرها في الفيلم لتجعل الإسرائيليين ضحايا والفلسطينيين جلادين. هنا يظهر الإستغلال السياسي الذي يقلب الحقائق لصالح أجندات معينة."

القضية أثارت نقاشاً بين المشاركين والجمهور، الذين تساءلوا عن حدود مسؤولية الكاتب عندما تباع حقوق نصه، وعن آليات حماية الرواية من "التشويه" حين تعبر إلى الشاشة.

بوجدرة، الرواية العصية على السينما

ومن باب المقارنة، توقف واسيني الأعرج عند تجربة الروائي رشيد بوجدرة، الذي كتب عشرات الروايات، لكنه لم يحول أيًّا منها إلى سيناريو. وعلق بالقول: "بوجدرة كاتب روائي بالدرجة الأولى، أما السيناريوهات التي كتبها فهي محطات عابرة ، تحويل رواياته إلى أفلام أمر بالغ الصعوبة بسبب تعقيدها الفكري والسياسي."

المثال الذي طرحه الأعرج أعاد إلى الأذهان الجدل التاريخي الذي رافق فيلم وقائع سنين الجمر للمخرج محمد الأخضر حمينة، والذي شارك بوجدرة في كتابة نصه ، الفيلم الذي فاز بالسعفة الذهبية في "كان" عام 1975، ظل شاهداً على التوتر بين الروائيين والمخرجين حين تتقاطع الرؤية الأدبية مع البصرية.

حقوق الروايات بين التعاقد والغياب

جانب آخر أثاره الأعرج خلال الملتقى هو مسألة العقود المبرمة مع شركات الإنتاج. "المشكل أن هذه العقود لا تحدد آجالاً زمنية لإنتاج الفيلم، ما يجعل بعض الروايات تبقى رهينة الأدراج لسنوات طويلة بعد بيع حقوقها"، قال الأعرج ،  وهو يضرب مثالا بروايته ( ليالي إيزيس كوبيا... 300 ليلة وليلة في جحيم العصفورية) الصادرة عن دار الآداب بيروت حول حياة مي زيادة التي اشترت إحدى الشركات حقوقها، لكنها لم تحول إلى فيلم حتى اليوم، لأسباب إنتاجية وشخصية معقدة، منها قضية مثيرة ارتبطت بالممثلة المصرية منى شلبي المرشحة للدور الرئيسي.

جمهور متعطش وأسئلة مؤجلة

ما ميز الملتقى هو تفاعل الجمهور، خاصة الشباب المشاركين في الورشات التكوينية أسئلتهم حملت قلق الجيل الجديد من تهميش الرواية الجزائرية على الشاشة، ومن هيمنة الإعتبارات السياسية والتجارية على حساب الجمالية والإبداع.

الملتقى لم يقدم أجوبة نهائية، لكنه أعاد طرح أسئلة ملحة: من يحمي الرواية حين تعبر إلى السينما؟ وكيف يمكن لمهرجانات مثل إيمدغاسن أن تؤسس لتجارب إنتاجية تحترم النصوص وتكرس حرية الإبداع؟

بين الرواية والفيلم جسر ممتد

مع انتهاء الجلسة خرج الحضور بإنطباع واضح أن الرواية والسينما رغم التوترات تظلان شريكتين في صناعة المخيلة الجماعية للشعوب، وإذا كان مهرجان إيمدغاسن قد اختار هذا النقاش ليكون في قلب فعالياته، فذلك لأنه يدرك أن الفن السابع لا يمكن أن يزدهر دون عمق أدبي وفكري.

وبينما يواصل المهرجان برامجه من عروض وورشات ، بقيت كلمات واسيني الأعرج ترن في أذهان الكثيرين: "السياسة قد تتدخل، لكن قوة الرواية والسينما معاً قادرة على مقاومة التزييف وحماية الذاكرة."

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services