55
0
ماراطون إمدغاسن الدولي... حين يلتقي التحدي الرياضي بعظمة التاريخ في قلب الأوراس

في أجواء رياضية مفعمة بالحيوية والتحدي احتضنت مدينة باتنة اليوم السبت فعاليات الطبعة الخامسة عشرة لماراطون إمدغاسن الدولي، الذي أصبح موعدًا سنويًا ينتظره عشاق الجري من داخل الجزائر وخارجها. الماراطون الذي يحمل اسم الضريح الملكي الأمازيغي إمدغاسن، استقطب هذه السنة أكثر من 1600 عداء وعداءة جاؤوا من 44 ولاية، إلى جانب مشاركين من تونس وسبع دول إفريقية مقيمين بالجزائر.
تغطية:ضياء الدين سعداوي
انطلقت المنافسة من أمام المركب الرياضي أول نوفمبر بحي بوزوران وسط مدينة باتنة، في أجواء حماسية شجعها حضور جماهيري معتبر، وتوزعت السباقات على ثلاث مسافات :17 كيلومترًا من المركب إلى فسديس،22 كيلومترًا إلى مدينة المعذر و42 كيلومترًا وصولاً إلى الموقع الأثري إمدغاسن ببلدية بومية، حيث كان خط النهاية عند الضريح الملكي الأمازيغي الذي يحمل اسم الماراطون.
الطريق المؤدي إلى الموقع الأثري كان معبدًا بالكامل، يمر عبر مناظر زراعية خفيفة ومزارع متفرقة بين فسديس والمعذر، قبل أن تنفتح المسافة الأخيرة على مشهد مهيب للضريح العريق الذي يشهد على عمق التاريخ الأمازيغي في المنطقة.
وقد عرفت هذه الطبعة منافسة قوية بين العدائين المحترفين والهواة، انتهت بتتويج عبد الباسط الهامل بلقب ماراطون إمدغاسن الدولي 2025، بعد أداء متميز نال إعجاب الجمهور واللجنة المنظمة. كما تم توزيع الجوائز على الفائزين في السباقات الثلاثة وسط أجواء احتفالية غلبت عليها روح الأخوة والرياضية.
العديد من العدائين المشاركين أكدوا في تصريحاتهم أن ماراطون إمدغاسن يمثل بالنسبة لهم تجربة رياضية وإنسانية فريدة، وفرصة سنوية للقاء الأصدقاء من مختلف ولايات الوطن وتبادل الخبرات. أكرم نزار أحد العدائين الذين شاركوا منذ الطبعة الأولى يقول: «ماراطون إمدغاسن ليس سباقًا فقط، بل تقليد جميل يجمعنا كل عام حول حب الرياضة والجزائر».
من جانبه، صرح نبيل حديد مدير الشباب والرياضة لولاية باتنة للموقع الإخباري "بركة نيوز"أن هذه التظاهرة الرياضية «تعد واجهة حقيقية للولاية وللجزائر ككل، إذ تدمج بين الرياضة والسياحة والتاريخ». وأضاف أن «الهدف من الماراطون لا يقتصر على التنافس، بل يشمل نشر ثقافة الجري بين الشباب وتشجيعهم على ممارسة الرياضة في بيئة آمنة ومنظمة».
ماراطون إمدغاسن لم يكن مجرد حدث رياضي، بل أيضًا أداة فعالة للترويج للسياحة المحلية، حيث يبرز المسار الممتد بين قلب المدينة والموقع الأثري أحد أهم رموز الحضارة النوميدية القديمة. ويؤكد كمال ڨرفي المسؤول عن التنظيم في المارطون البركة نيوز أن هذا الحدث ساهم خلال السنوات الأخيرة في جذب اهتمام متزايد بولاية باتنة كوجهة سياحية ورياضية بفضل ما تزخر به من معالم تاريخية وطبيعة جبلية فريدة.
بهذا النجاح التنظيمي والمشاركة الواسعة، يواصل ماراطون إمدغاسن الدولي ترسيخ مكانته كأحد أبرز المواعيد الرياضية في الجزائر وإفريقيا، جامعًا بين الرياضة والتاريخ والطبيعة، ومؤكدًا أن الجري على دروب الأوراس ليس مجرد منافسة، بل رحلة في الزمن وروح المكان.