بقلم الدكتور محمد مزيان/ وزير الاتصال
باستضافتها معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025)، في دورتها الرابعة من 4 إلى 10 سبتمبر المقبل، تؤكد الجزائر التزامها التاريخي ببناء الاندماج الإفريقي، في سياق يتسم بتحديات متعددة.
ويتمثل دورها في هذا السياق في تسهيل الترويج للأنشطة، وخلق فرص الأعمال، وزيادة إبراز العلامات التجارية، وتعزيز التشبيك، من خلال استراتيجيات حديثة، مع إتاحة الفرصة لنشر المعلومات والتعريف بالبرامج، وإدارة صورة المنتجات والخدمات، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية.
إن الترويج للأنشطة الاقتصادية في إفريقيا يعتمد بشكل كبير على الاتصال المؤسساتي. فسواء أتعلق الأمر بفعاليات سياسية، اقتصادية أو مهنية، فإن هذه المناسبات تتيح تفاعل المشاركين، وزيادة حضور المنظمات وتمتين صورتها ورموزها، وتعزيز اندماجها.
وخلال هذا الحدث الإفريقي المزمع تنظيمه في الجزائر، سيُظهر مهنيّو القطاع قدراً كبيرا من الإبداع والمرونة للتكيف مع الخصوصيات المحلية، آخذين بعين الاعتبار العادات الإفريقية، و خاصة تلك المتعلقة بالاستهلاك الإعلامي، والتقاليد، وتطلعات المشاركين، بما يساهم في رفع شهرتهم، والترويج لمنتجاتهم وخدماتهم، وتعزيز جاذبيتهم ومصداقيتهم لدى الزوار والشركاء المحتملين، وفتح فرص التعاون و الشراكات في سياق مطبوع بتحديات متعددة.
ويُعد تكييف الخطاب مع السياقات الثقافية الإفريقية المتنوعة أمراً ضرورياً لتحقيق الفهم المتبادل، من خلال اعتماد عملية اتصالية ترتكز على الإصغاء الفعّال.
وقبيل هذا الحدث القاري، المرتقب بالجزائر، تنظم وزارة الاتصال يوم الأحد 31 أوت 2025 بمركز المؤتمرات الدولي “عبد اللطيف رحال”، يوما إعلاميا يكتسي طابعاً محورياً، لتسليط الضوء على التحضيرات الجارية لهذا الموعد الاقتصادي الكبير و رهاناته، التي من المنتظر أن تنجم عنها مكاسب هامة في هذا الإطار.
وسيتيح هذا اللقاء لمهنيي الصحافة معطيات مهمة تتعلق بالاستثمار، والتنويع الصناعي، والتبادلات، والاندماج الإفريقي البيني، ما يستوجب وضع استراتيجية اتصال ملائمة، عبر تحديد وسائل الإعلام المناسبة وإقامة شراكات متينة، لحمل صوت إفريقيا و الفاع عن سيادتها.
وعلى الفاعلين في القطاع تعزيز علاقاتهم مع الصحفيين وهيئات التحرير، بتزويدهم بمعلومات دقيقة وبيانات إعلامية جذابة، وتنظيم لقاءات مباشرة، بما من شأنه أن يسهم في جعل حدث الجزائر موعداً بارزاً على الساحة الاقتصادية الإفريقية.
كما تمثل المنصات الرقمية وسيلة فعّالة للوصول إلى جمهور أوسع، وخلق التفاعل المرجوّ، وبناء مجتمع مصغر حول الحدث، الذي يحتل فيه الاتصال المؤسساتي مكانة مميزة. كما يمكن للحملات الإعلانية الموجّهة أن ترفع بدرجة كبيرة من إشعاع الحدث وجذب المزيد من المشاركين.
أما ردود أفعال المشاركين، فهي بمثابة مصدر ثمين للمعلومة بالنسبة للفاعلين في مجال الاتصال المؤسساتي في إفريقيا، إذ تسمح بتقييم درجة رضاهم، والتعرف على مواقفهم إزاء الحدث، وإدخال التحسينات اللازمة. ومن خلال إبراز القيم المشتركة وأهمية الموروث الثقافي، يسهم الاتصال في تعزيز وحدة المجتمعات الإفريقية المختلفة، مع إبراز القيم و الفضائل الأخرى كالاحترام والأخلاق التي تُعد من أولويات التقاليد الإفريقية.
وبوفائها لقيمها البينية-إفريقية، تواصل الجزائر عبر اتصالها المؤسساتي تعزيز مكانتها كفاعل رئيس في مسار الاندماج القاري، من خلال عدة مبادرات تعكس الرؤية التي يتبناها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والرامية إلى دعم التفاعل الإفريقي.
وتجسد هذه المبادرات التزاماً ثابتاً من الجزائر بجعل التفاعل الإفريقي ركيزة استراتيجية ومسؤولية تاريخية.
إنها فرصة سانحة ليس لتجديد الديناميكية التجارية بين بلدان القارة فحسب، بل أيضاً لمد جسور جديدة نحو أسواق قريبة أخرى.
وتتمثل طموحات الجزائر المعلنة في أن تكون هذه الدورة الرابعة أكثر من مجرد حدث اقتصادي، حيث ستجسد الجزائر إرادة مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي، مدعومة بعزيمة سياسية أكيدة و متجددة أعلن عنها السيد رئيس الجمهورية في عدة مناسبات.
وكما أشرت إلى ذلك مؤخراً، فإن الجزائر ستستعيد خلال أسبوع واحد مكانتها كمدينة إفريقية كبرى، بكل ما تحمله الكلمة من حمولة تاريخية قوية، تذكّرنا بماضٍ قريب مليء بآمال إفريقيا.