125
0
الحكواتي ماحي صديق ...سفير التراث و ملهم الاجيال .

ماحي الصديق راوي حكواتي من مواليد 1960 بمدينة سيدي بلعباس، كرس حياته للحفاظ على التراث الشعبي و الوطني و نقله الى الاجيال المتعاقبة باسلوب يجمع بين المتعة و الفائدة من خلال سرده القصصي المتميزو استطاع ان يعيد للحكاية الشعبية بريقها حيث حمل عبر صوته و ايماءاته عمق التقاليد محافظا على كنوز شفوية مهددة بالاندثار.
حسين بونة
لم يكن مجرد راوي بل كان و لا زال مبدعا يضفي على كل حكاية روحا فيجعل منها عرضا ممتعا يخطف انفاس الجمهور كبرا و صغارا .
أصدر العديد من المجموعات القصصية و سلسلة من الحكايات الشعبية حول أبطال الجزائر على غرار الأمير عبد القادر و أحمد زبانة شهيد المقصلة، كما شارك في العديد من المهرجنات الدولية اين قدم عروضا في عدة دول عربية من بينها لبنان، تونس، العراق، الأردن، مصر، و في أوروبا، فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، البرتغال بولونيا و بريطانيا.
الحكاية كجسر للتواصل بين الشعوب
استخدم الحكاية كسجر للتواصل الثقافي بين الشعوب، حيث أصدر مجموعة من القصص من بينها حجرة القمر "لبنادم لي كان يشوف في الليل" ، "مولا مولا " و حكايات جزائرية، و من اعماله الحالية "ضارية" قصة حول حقوق الطفل، " دور لوهران دور" ، "زبانا"، "سطورة المنسية للملك سيفاكس" بالاضافة الى "لو كان كنت انا في غزة"، و التي قدمها بعدة لغات الدارجة ، الفرنسية و الاسبانية، ساهم من خلالها في دعم القضية الفلسطينية.
أسماء حملت على أعتاقها ذاكرة وطن
وفي لقائنا بالحكواتي ماحي الصديق ، أكد أن القوال، أو المداح أو الراوي حافظ على هذا الفن من خلال سرده بأجمل و أنسب طريقة عبر نصوص ممتعة و سلسة و اعتبر الحكاية موروثا للذاكرة الشعبية في الجزائر حضاريا و ثقافيا .
وعن رحلته بين المسرح و الحكي قال: " لقد نشات في المسرح بسيدي بلعباس حيث كانت خطواتي الاولى ، تكونت في فرقة مسرحية من شباب طموحين حيث كان حلمنا أن نعبر عن انشغالاتنا و همومنا الشبابية عبر المسرح انذاك" .
وأضاف "التقيت و أنا صغيرا لأول مرة بالمرحوم عبد الرحمان كاكي حيث كان يحضر عروضنا التي كنا نقدمها و التقيت بالصدفة بكاتب ياسين مدير المسرح الجهوي الجديد الذي كان تابعا قبل ذلك لمسرح وهران ، بالاضافة الى المرحوم عبد القادر علولة الذي كان يزورنا في بلعباس ، هذة الاسماء الثلاثة حملت على عاتقها ذاكرة وطن و مجتمع بأكمله" .
الحكاية تروى لتعيش
وفي سؤالنا على سر استمرار الحكاية قال " الحكاية يجب أ ن تروى و أن تنتقل من شخص الى آخر لتعيش و تكسب حيويات جديدة و ان يتم تداولها دوريا بشكل يومي او من خلال المناسبات حتى تصل الى مختلف فئات المجتمع فتاخد منها العبرة و تتعلم من مغزاها ".
وعن الهدف من الروايات لفت أن الحكايات القادمة من الماضي ليست تمجيدا له بل هي ما يصنع ذاكرة المستقبل و هذا أمر اشبه ببناء القيم الاخلاقية، مشيرا أنه تحمل مسؤولياته و قام بقراءات و بحوث و دراسات مستمرة، فضلا عن نشأئه في أوساط فنية متنوعة .
محي الصديق نموذج للحكواتي العالمي الذي يسرد الحكايات ليجعل منها جسرا للتواصل بين الماضي و الحاضر بين الاجيال و بين الفنون و التراث باسلوب مبدع يوظفه بكل براعة و بوعي و رؤية وطنية عميقة حريصة على الهوية و على الوحدة الوطنية و البعد الاجتماعي .