103

0

حكاية الزيتونة وصمود الفلاح الفلسطيني

موسم الزيتون بين صرخات الأرض وغطرسة الاحتلال:

 

بقلم: د. منى أبو حمدية -أكاديمية وباحثة فلسطينية 

في خريف فلسطين، تتفتح أشجار الزيتون لتروي حكايات الأرض و الفلاح الفلسطيني ، وتصبح الزيتونة رمزا خالدا للصمود والهوية.

هذا الموسم ليس مجرد موسم زراعي، بل رحلة يومية مليئة بالتحديات، حيث يقف الفلاحالفلسطيني بين أغصان الزيتون، يرويها بعرقه ويحميها بصموده، بينماتصر غطرسة الاحتلال على اقتلاع كل أثر للحرية.

هنا، تختبر الأرض قوة الفلاح، ويختبر الفلاح ثبات الأرض، ليصبح موسم الزيتون فصلا سنوياً في رواية المقاومة الصامتة.

أقدام الغطرسة على أرض الزيتون 

في قرية بيتا شمال نابلس، كان محمود، فلاح في الخمسين من عمره، يستعد لموسم الزيتون. قال وهو يحمل الدلاء والسلال: "كل عام نخاف قبل أننبدأ، لكن لا نستطيع التخلي عن الأرض".  دقائق معدودة، وظهر مجموعةمن المستوطنين، مدعومين بقوات الاحتلال، محاولين منع الفلاحين منالوصول إلى أراضيهم.

في هذه اللحظات، يصبح موسم الزيتون ساحة مواجهة بين غطرسةالاحتلال وحق الفلاح الفلسطيني في الأرض. وفق إحصاءات وزارة الزراعةالفلسطينية، تم توثيق أكثر من 400 اعتداء على الفلاحين خلال  المواسم الأخيرة ، شملت الضرب، الحرق، والاعتقالات الميدانية، لتظل الأرض شاهدةعلى وحشية الاحتلال وغطرسته، بينما يصر الفلاح الفلسطيني على الدفاععن أرضه وحقه في الحياة.

عرق الفلاح الفلسطيني بين أغصان الزيتون

ليلى، امرأة فلسطينية في الثلاثين من عمرها، كانت تتسلق بين الأشجارلمساعدة والدها في قطف الزيتون،  الأطفال يراقبون بقلق، والأجداد يرفعونالأعلام البيضاء للتعبير عن السلمية. قالت ليلى: "نحن هنا لنقطف الزيتونلأننا لا نستطيع ترك الأرض للمستعمر".

في مثل هذه اللحظات، يصبح موسم الزيتون رمزاً للمقاومة السلمية اليومية للفلاح الفلسطيني ، الأسرة كلها تعمل كفريق واحد، متحدين الخوفوالتهديد، ليحصدوا ثمار الأرض، كما يحصدون إرادتهم على القهر. كل ثمرةزيتون تمثل صرخة أمل، وكل شجرة صامدة هي شهادة على بطولة الفلاحالفلسطيني في مواجهة الغطرسة.

الرماد على الثمار والجذور تنبض بالحياة

الحرب الأخيرة ألقت بظلالها الثقيلة على الموسم، فآلاف الأشجار اقتلعت أواحترقت، وأصيب العديد من الفلاحين، وتعرضت المعدات الزراعية للدمار.

فاطمة، فلاحة من الخليل، تجلس على جذع زيتونة محترقة، تعدد خسائرالموسم: " شجرة كانت تحمل قصة عائلتنا، وكل ثمرة كانت أملنا للعيش".

الإحصاءات تشير إلى انخفاض الإنتاج بنسبة تجاوزت 40% في نابلس و الخليل، لكن رغم الخسائر، نظم الفلاحون الفلسطينيون جهوداً جماعيةلإعادة تأهيل الأراضي وحماية الأشجار المتبقية، مؤكدين أن الزيتونة رمزللصمود والهوية، وأن جذورها ستظل متشابكة مع جذور الفلاح الفلسطينيمهما كثرت الحروب والاعتداءات.

الزيتونة: شاهد على صمود الزمان

الزيتونة ليست مجرد شجرة، بل رمز خالد للحياة والفلاح الفلسطيني. منذآلاف السنين، ارتبطت بالسلام والخير، وشاهدة على التاريخ، وكل جذع يحكي قصة أجيال من الفلسطينيين الذين نشأوا بين أغصانها، تعلمواالصبر والمثابرة وحماية الأرض والهوية.

في مواجهة الاعتداءات، كل ثمرة زيتون يقطفها الفلاح الفلسطيني هيإعلان صمود وإصرار على البقاء، وكل جذع يُقتلع هو محاولة لطمسالذاكرة الجماعية. الزيتونة هي جسر بين الماضي والحاضر، ورمز للهويةالفلسطينية، والصمود ضد كل أشكال الغطرسة والقهر.

الزيتونة تتكلم :صمود الأرض والفلاح

موسم الزيتون في فلسطين ليس مجرد موسم زراعة، بل مرآة تعكس  غطرسة  الاحتلال وصمود الفلاح الفلسطيني وتضحياته اليومية.

بين أغصان الزيتون، تتكشف معارك صغيرة لكنها عظيمة، ويستمر الفلاحالفلسطيني في كتابة تاريخ الأرض بعرقه وأمله ، حتى مع الحروب وتراجع الإنتاج، تظل الزيتونة رمزا خالدا للصمود والهوية والحرية ، شاهدة على أن الأرض لن تنتزع طالما هناك من يتمسك بها، وجذور الفلاح الفلسطيني تمتد مع جذور الزيتون، صامدة، متجذرة، ومتمسكة بالحياة والكرامة.

 

 

     

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services