349
0
الدكتور هلال جرادات:"لغة المصالح العالمية هي من تظهر أننا وحيدون بمعركة غاية بالصعوبة"

أكثر من 27 سنة أمضاها في سجون الإحتلال ومسار نضالي عاشه ولا يزال اللواء الدكتور هلال جرادات، في لقاء خص به جريدة بركة نيوز، تحدث عن الكثير منى القضايا أبرزها معاناة الحركة الاسيرة ومعركة الصمود في وجه العدو الصهيوني الذي تجاوز بجرائمه كل الحدود.
حاوره الحاج بن معمر
ما هي أبرز المحطات في نضال اللواء الدكتور هلال جرادات السياسي قبل الاعتقال؟
بدايه أن الاتجاه في المسير النضالي كان مع رؤية الثورة الاسلاميه في ايران وتفحت عيوني على رؤية جنود الاحتلال حيث كانت الممارسات تترك ترهاصاتها في النفس لضرورة مقاومة هذا الجسم الغريب المتمثل بقوة اليهود وسيطرته على الأرض، وتشربت من ما كان الوالد يتحدث به عن تجربته في عالم الأولاد الأيتام بعد استشهاد جدي أحمد جرادات مع الشيخ عز الدين القسام.
وكان الوالد قد التحق مع ثلة من الشباب بالجهاد المقدس مع عبد القادر الحسيني فكان البيت عبارة عن ذكريات جامعه وعام 1983، قام عملاء الاحتلال بتسميم طالبات المدارس فكان هبة شعبية كنت أحد المشاركين فيها والتحقت بشبية حركة فتح وكان مشوار النشاط السياسي يأخذ من وقتي حيزا. وعايشنا أخبار حرب لبنان وما آلت إليه من مجازر في صبرا وشاتيلا وكلفت بالأنشطة الثقافية بالجامعات والمدارس من هنا زادت علاقاتي مع القوى السياسية في الضفه وعزة وأراضي عام 1948لتكون محطات المشاركة بالمظاهرات والاعتقال الذي عرفنا عن قرب ما هو الاحتلال الذي ينكر الغير ويمحوا كل ما هو فلسطيني.
كيف أثرت تجربة الاعتقال التي استمرت 28 عامًا على رؤيتك للنضال الفلسطيني؟
كان لتجربة الاعتقال السياسي محطة عظيمه في سقل شخصيتي، من الناحية الفكرية والعلمية فإن وجود كفاءات وطنية وعلمية تستفيد منها الحركة الأسيرة وانا كنت مهتما أن أكون مميزا فعلا ومن خلال البرامج الوطنية والحركية وضعت لنفسي برنامج للتعليم فقد بدأت اتعلم التاريخ الفلسطيني وتعرفت على الاحتلال اليوناني والايطالي والبيزنطي والفارسي والاشوري والفرعوني وصولا للإنجليز، حتى سيطرة الاحتلال وكل هذا التاريخ أخذ مني الشيء الكثير وشعرت كم انا جاهل بقوى عظمى كان لها أطماع لهذه الأرض وخاصة اليهود زمن العهد الروماني الايطالي، وكذلك شعرت أن تعلم اللغات أيضا مهما لي في دراستي العلمية والبحثية وقد تعلمت 16لغه منها العبرية والروسية واللغات اللاتينية وأدى تعلم هذه اللغات بدفعي لدراسة الأديان والصراعات الفكرية والنظريات في الصراع وأهمية نظرية التفتيت ومحاربة الوحدة إضافة الى نظرية الدور الوظيفي لدول قزمية أو حركات أو أحزاب. ودرست الفكر الشيوعي الذي غذى اليسار الفلسطيني وتجارب حركات التحرر كتجربة الجزائر وفيتنام وكوبا وغير ذلك من التجارب التي ساعدتني نحو التعمق بالدراسة العلمية فالتحقت بالجامعه العبرية ودرست التاريخ والعلوم السياسية وداخل أسوار السجن كنت المترجم والمنظر والمحرض من أجل حقوق الأسرى.
لهذا نقول أن تجربة الأسر محطة زودتني بطاقه وهي نقطة انطلاق في عالم المعرفه فدرست الطب والعلوم الإنسانية ومجالات عديدة، فكان معدل دراستي اليومية 10 ساعات وكنت اتحدث مع الوسائل الاعلاميه ومع وفود الصليب بعديد اللغات.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتها خلال فترة اعتقالك في السجون الإسرائيلية؟
التحديات التي يواجهها أبناء الحركة الأسيرة متعددة، أولاها مواجهة خطط العدو الذي يريد أن ينال من الوحدة الوطنية والتشكيك بكل ما هو فلسطيني، لهذا فالمعرفه تواجه بمعرفه وتسلحنا بالعلم يجعلنا نفهم مرامي العدو.
لهذا الأمر كان عالم السجن غاية في الصعوبة ومن قلب المعاناة نصنع أملا وتحديات، ومعرفتنا بتجارب الأنبياء والرسل التي لم تكن سهلة خاصة تجربة يوسف الصديق في سجنه لدى فرعون وتآمر إخوته عليه، فعرفنا كيف أن التحدي بحاجة الى قوة وعلم ودراية، فهذه التحديات والقصور من أبناء جلدنا تجعلنا أكثر حرصا على عدم إعطاء الفرصة للعدو لكي يفرق صفوفنا .
ولهذا كان التنقل الذي يفرض علينا وعلى شخصي كبير، والعزل زاد من اصراري أن اتمسك بدوري النضالي وأعزز معرفتي بمعرفة الصهيونية واليهودية وكيف نجحوا بما لم ننجح فيه وهو أهمية العمل الجماعي والتخطيط وبناء مؤسسات.
فكل هذه التحديات جعلتني أفهم أنه يصدر الينا أزمات، و من هنا معرفة الأرض التي تقف عليها غاية في الأهمية ولغة المصالح العالمية هي من تظهر أننا وحيدون بمعركة غاية بالصعوبة، فعرفت أن دولة الاحتلال هي مشروع غربي إذن نحن نقاتل الغرب ومصالح دول ظننا أنها صديقة وتبين أنها تبحث عن منافع لها، لذا كان خروج المنظمة من لبنان مؤشر مهم أن نعيد النظر في سياستنا وأولها أن نسوق أنفسنا كضحايا للاحتلال وان النصر له عوامل وللهزيمه عوامل، لهذا الأمر مسألة بناء قواعد اللعبة يجب أن تتغير وأن نظرية التنقيط في العمل العسكري نحن بحاجه اليه وكيف نكسب أمتنا العربية والإسلامية أمر مهم وشعبنا وعلماء فلسطين المغيبين، ولا بد أن نستفيد من السياسات الصهيونية.
كيف ترى دور الأسرى الفلسطينيين في النضال الوطني الفلسطيني؟
ان دور الأسرى في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني كان وما زال محوريا، فغالبية القيادات لدى التنظيمات من الأسرى المحررين ولعل وثيقة الأسرى من أهم المبادرات للحلول الفلسطينية الداخلية، فعدونا أعاد تجربة الجماعات الفلسطينية زمن الانتداب عام 1948وقد غذى الإنجليز واليهود الانقسام الفلسطيني وعاد اليهود وأطراف إقليمية بتمزيق المشروع الفلسطيني ما بين قوى وطنية وإسلامية.
ومن هنا نقول إن الواقعية وقبول الغير أمر مطلوب ولعل سياسة الابعاد والسجون جعلت تطرفا أيضا في سير المسار الفلسطيني لذا نحن بحاجة إلى مراجعات حتى نضع القطار على السكة الصحيحة.
ما هي أبرز القضايا التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية؟
معاناة الأسرى اليوم مضاعفة من حيث التنكيل والتعذيب والحرمان، الإرهاب بحقهم سيد الموقف فالتجويع والقتل خلال العام ونصف وصل عدد المقتولين أكثر من 80 معتقل هذا مؤشر أيضا أن غياب التنديد بسياسة العدو اتجاه الأسرى حيث الحرمان من النوم والتنقل ومن التعلم وإعادة ظروف الأسرى لسنوات الستينات ولذا العدو يبرق برساله أن السجون ليست جامعات نضالية بل مراكز هولوكست وهي ضمن مسرح الجريمة ما بين غزة والضفة وقتل الاطفال والصحفيين والأطباء جزء من معركة الإبادة التي تفرض على كل المنطقة، فسوريا تستباح كلبنان واليمن علاوة على من يقاتل نيابة عن العدو من انظمه عربيه.
ما هي الآليات التي يمكن اتباعها للضغط على الاحتلال لتحسين أوضاع الأسرى؟
نقول إن ما يمر به قطاع غزة من إبادة وتدمير في بث مباشر اعلامي أسقط الأقنعه وعرى الأنظمه إقليميا ودوليا، فدور المؤسسات فقد شرعيته لانه يجبن في أي حديث عن كل هذا الإرهاب والاجرام فهل يوجد اثبات اكبر أننا نعيش أكذوبة اسمها قانون دولي ،أن أهم الأساليب المتبعه ضد الأسرى هي الحرب النفسية والتعذيب الجسدي وتشتيت حال الاسرى الأمر الذي يضعف من عضدهم، والحرب الامنيه ضدهم منها التجويع والترويع ونختم بقتل علن ولا يوجد كلام يوصف ما يتعرض له الأسرى خاصة بعد السابع من أكتوبر
ما هي رؤية اللواء الدكتور هلال جرادات الحالية لحل القضية الفلسطينية؟
رؤيتي الحالية لواقعنا بغزة أو الضفه، أن الحلول مهما كانت صعبه يجب أن نعطي الدور السياسي لمصر والأردن حتى نأخذ حقوقنا السياسية وأن نجعل لنا مظلة عربية ومهما قبلنا من حلول، إلا أن هذا العدو ومن يقف عنده لن يعطي لنا تلك الحقوق، وهو يحاول أن يقتلعنا وتهجير نا فكيف لا نكون جاهزين لبذل جهود كبيرة في إطار عولمة القضية،ليس لنا قادة حقيقيون يفكرون بواقعية، كما أن العديد منهم في سلم القيادة يرفضون إفساح المجالات أمام جيل الشباب، فالعيب في النخب الذين يجهلون المجتمع.
أن قضية فلسطين قضية سياسية بامتياز وموقعها الجيوبلوتيك يظهر أن القضية مشوارها طويل ونظرية الازاحه تأخذ مجراها من عديد الانظمه الإمبريالية والصهيونية العالمية التي تبتعد العرب والمسلمين عنها، والحل يكمن بقادة الشعب الذين يجب صقلهم بخفايا السياسة وجعل المدرسة الصهيونية التي تتظاهر بدور الضحية وهي بواقع الأمر سيدة الإجرام والإرهاب.
إذن الخط الدفاعي من الناحية القانونية يجب تفعيله بشكل مختلف عما سبق وفق منظار دفاعي لا هجومي وبناء الجبهة الشعبية الإقليمية لتكون شريك في مقاومة المحتل ومقاطعة الأطراف الداعمه للاحتلال من الناحية الاقتصادية، ونحن بحاجة إلى إعلام بعديد اللغات حتى نسوق قضيتنا بشكل أفضل ولهذا لابد أن نشارك الجاليات في الغرب لشرح الصراع ومن يحتل الأرض ولذلك المعركة الدبلوماسية معركه المواجهة المطلوبة ولنا بثورة فيتنام خير تجربه.
كيف ترى مستقبل النضال الفلسطيني في ظل التحديات الحالية؟
رؤيتي لمستقبل القضية أمر له استحقاقات دولية ومحلية والأمر منوط بنا كيف نعثر على ثغرات لدى العدو ونقارن بين تجربة الجزائر مع الفرنسيين خاصه زمن ديغول وما بعده من حيث دفع العدو إلى القبول على طاوله المفاوضات التي يتهرب منا قادة الاحتلال ونظهر التطرف الديني لديهم وخطره على الإقليم.
ما هو دور الإعلام في تسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين؟
ان الإعلام محكوم بسياسات الأنظمه، ولذا نعول على تغيير في المواقف التي من شأنها اعادة الاعتبار لقضية فلسطين. كل السبل لم تعطي أي أمل في الحرية من براثن الاحتلال، وسياسة القطب الواحد تجعل منا حالة التفرد، والاقصاء وهرولة الأنظمه العربية والإسلامية نحو تل أبيب أمر فيه بيع واضح لفلسطين، لذا أدوات المقاومه لا بد أن تتغير ما يضمن استمرارها.
ماهي الأبعاد الجيوسياسية المتغيرة في الوقت الدراهن وتأثيرها على القضية الفلسطينة
أن الساحه السورية اللبنانية كانت معاقل مهمه لشعبنا ونحن نخسرها نتاج الحرب الروسية الاكرانية والتحالف الغربي المرتبط بالمصالح الاقتصادية، نشعر بقلق مستمر أن شعبنا يدفع ثمن هذه المصالح بدم أطفاله .
ما هي توصياتك للشباب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال؟
توصياتي للشباب الفلسطيني، هذه معركتكم امنوا لتعيشوا فاطلبوا الموت، توهب لكم الحياة والحريه تعني الانعتاق من عبودية الاحتلال، ونحن لا نحارب الاحتلال لانه يهوديا بل لأنه احتلال.
والرسول يقول نصرت بالشباب والعدو يعرف ذلك، لهذا يريد قتل الشباب وخاصة من خلال نشر الرذيلة بينهم من خلال الفضاء الاعلامي.
كلمة أخيرة للشعب الجزائري والعربي من خلال موقع بركة نيوز
وفي الختام نقول للشعب الجزائري الحر الذي ذاق مرارة الاحتلال الفرنسي لمدة 131هام وسقوط مليون ونصف شهيد على مذبح الحرية أن أهلنا بالجزائر سيبقون السند وجبهة تحرير الجزائر، مثلت لنا نبراسا مهما في حياتنا اليومية وجهود الجزائر التي تدعم فلسطين يعطينا بصيص أمل أننا على موعد مع الحرية كل التقدير للجزائر حكومه وشعبا.