حذّرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" من التدهور الإنساني الكارثي والمتسارع في قطاع غزة، حيث يتواصل العدوان الإسرائيلي منذ أكثر من تسعة أشهر، متسبّبًا في مأساة غير مسبوقة وصفَتها الهيئة بأنها "نكبة مستمرة" وسط "صمت عالمي مخزٍ".

ماريا لعجال 

وأكدت الهيئة أن الحرب الإسرائيلية الشاملة تُمثّل "إبادة جماعية ممنهجة"، حيث تُستهدف فيها البنية التحتية، والمستشفيات، ومصادر المياه، والمؤسسات المدنية، إلى جانب المدنيين من أطفال ونساء ومرضى وعمال إغاثة وصحفيين. ويُفاقم من حجم الكارثة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 143 يومًا، والذي يمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود، ما أدى إلى تفشي المجاعة الكاملة في مختلف أنحاء القطاع، وفق التصنيفات الأممية.

وسجّلت وزارة الصحة، خلال الأيام القليلة الماضية، وفاة 83 طفلًا و650 مريضًا بسبب الجوع وسوء التغذية، فيما يعيش أكثر من مليون طفل في ظروف صحية متدهورة ناجمة عن نقص الغذاء والمياه وتفشي الأمراض الجلدية والمعوية والتنفسية. كما أعلنت الوزارة عن تسجيل 45 حالة شلل رخو حاد، ما يثير المخاوف من تفشي شلل الأطفال، بينما خرجت ست منشآت صحية رئيسية عن الخدمة، وتواجه أخرى خطر التوقف الكامل.

وبحسب إحصاءات الهيئة، ارتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 111 شخصًا، معظمهم من الأطفال وكبار السن، فيما بلغ عدد شهداء القصف الإسرائيلي خلال الـ24 ساعة الماضية 113 شهيدًا، بينهم 34 من المواطنين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى المساعدات. وبذلك، يرتفع عدد ما يسمى بـ"شهداء المساعدات" إلى 1,060 شهيدًا، من أصل حصيلة إجمالية بلغت منذ 7 أكتوبر 2023، أكثر من 59,219 شهيدًا، و143,045 جريحًا، بينهم 32 ألفًا يعانون من إعاقات دائمة.

وأعربت "حشد" عن إدانتها الشديدة لمواصلة استهداف الصحفيين، حيث استشهدت الصحفية ولاء الجعبري وأطفالها إثر قصف مباشر استهدف منزلها، ليرتفع عدد شهداء الصحافة إلى 231 منذ بداية الحرب، وهو ما وصفته الهيئة بمحاولة "لقتل الشهود ومنع التوثيق الإعلامي".

وفي تطور موازٍ، أدانت الهيئة الدولية بأشد العبارات تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح مشروع قانون يقضي بفرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية، معتبرة إياه "تصعيدًا استعماريًا خطيرًا ونسفًا ممنهجًا لفرص السلام، واستهتارًا بقرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية".

كما أبدت الهيئة قلقها البالغ إزاء الانتهاكات المرتكبة داخل مراكز توزيع المساعدات، التي تُشرف عليها مؤسسة "غزة الإنسانية – GHF"، المدعومة أمريكياً، حيث تحدثت شهادات ميدانية واعترافات لموظفين أمنيين سابقين عن ممارسات لا إنسانية بحق المدنيين.

وأكدت "حشد" أن ما يجري في غزة يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق اتفاقية منع الإبادة لعام 1948، ويمثل خرقًا فاضحًا لاتفاقيات جنيف، ولا سيما المادة 55 من الاتفاقية الرابعة التي تلزم الاحتلال بضمان توفير الغذاء والدواء للسكان المدنيين.

وفي ختام بيانها، دعت الهيئة الدولية "حشد" المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف واتفاقية منع الإبادة، إلى التحرّك العاجل والفوري لوقف المجازر، ورفع الحصار عن قطاع غزة دون قيد أو شرط، وفتح المعابر لإدخال المساعدات والوقود، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، إضافة إلى فرض عقوبات على إسرائيل ومحاسبة قادتها وجنودها أمام محاكم دولية، والعمل على دعم الحق الفلسطيني في تقرير المصير، والعودة، والاستقلال.