52

0

بين الشعر والسياسة.. دورة بطعم الجدل والتنمية

لم تكن الدورة العادية الثانية للمجلس الشعبي الولائي لسعيدة مجرد محطة إدارية عابرة، بل حملت في طياتها ما يتجاوز لغة الأرقام والمشاريع، لتتحول إلى مشهد سياسي وثقافي بامتياز، امتزج فيه النقاش بالتلميح، والتباين بالرؤية، بل وحتى الشعر بالقرار.

الحاج شريفي

في قاعة المحاضرات11ديسمبر 1960، الدورة التي تحمل اسم الراحل طالبي ميسوم، رجل من رجالات البلدية والعمل المحلي، اجتمع المنتخبون لمناقشة الميزانية الإضافية لسنة 2025، وبينما كانت الأرقام تطرح، برز خلاف بدا في الوهلة الأولى عاديا، لكنه سرعان ما تحول إلى خلاف حاد حول المخيم الصيفي للأطفال، والذي تم إلغاؤه لصالح اقتناء شاحنة متنقلة للتبرع بالدم.

البعض رأى في القرار تضييقا على حق الطفولة في الترفيه، بينما دافع آخرون عن الأولوية الصحية والبعد الإنساني لإنقاذ الأرواح، وهو نقاش مشروع في جوهره، لكنه انزلق — ولو لوهلة — إلى مساحات التراشق غير المباشر، حيث تحولت الأبيات الشعرية المتبادلة بين بعض الأعضاء إلى وسيلة مشحونة بالتلميحات السياسية والانتقادات المغلّفة، مما أضفى على الجلسة طابعًا غير مألوف، لا يخلو من رمزية ولا من حدة.

غير أن اللافت، رغم التباين والتوتر، هو أن المجلس خرج بقرار توافقي، حيث صوت الجميع بالإجماع على الميزانية، بما في ذلك إدراج الشاحنة الصحية ضمنها، مع التزام واضح من السلطات بإيجاد حل بديل للأطفال المحرومين من المخيم الصيفي. وهنا تحديدا، تجلت مسؤولية الدولة في موازنة الأولويات وتقديم حلول توافقية دون إقصاء لأي فئة.

الحدث لم يقف عند هذا الحد. فقد أعلن والي الولاية، أمومن مرموري، خلال الجلسة ذاتها، عن إعادة بعث مصنع السيارات لعلامة “سوزوكي” بولاية سعيدة عما قريب، بعد تحويل ملكيته إلى مجمع "مدار" مع الحفاظ على الشريك الياباني. وهو إعلان مهم يعكس بداية جديدة لمشروع ظل حبيس الجمود لسنوات، وقد يحمل معه آمالا كبيرة في التشغيل ودفع عجلة الاقتصاد المحلي.

ما بين قصيدة مشحونة ومعمل ينتظر الانبعاث، ونقاشات تخترقها الحكمة حينا والانفعال حينا آخر، تبقى الديمقراطية المحلية فضاء حيا يعكس نبض المجتمع وتناقضاته، وطريقا صعبا لكنه ضروري لبناء تنمية عادلة ومتوازنة.

 إذا كان الشعر في الجلسة قد حمل معاني سياسية، فإن التوافق في نهايتها حمل دلالة أعمق: أنه مهما اختلفت اللهجات والأساليب، فالصوت الأخير يجب أن يكون لصالح المواطن.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services