444
0
باتنة تعلن "أولاد بشينة" بؤرة لداء الكلب
ثلاثة بيانات رسمية في أسبوع واحد وقلق شعبي متصاعد

في ظرف أقل من أسبوع أصدرت بلدية باتنة ثلاثة بيانات متتالية تنذر بخطورة الوضع الصحي المتعلق بإنتشار داء الكلب وسط المدينة، بعد تسجيل إصابات مؤكدة لدى كلاب ضالة ووقوع اعتداءات مباشرة على مواطنين في مشهد يعيد داء الكلب إلى واجهة النقاش العمومي ويكشف هشاشة التعامل المجتمعي مع ظاهرة الحيوانات المتشردة.
ضياء الدين سعداوي
بيان 17 جويلية: أولى التحذيرات بعد هجوم عنيف في كشيدة
بدأت القصة يوم 17 جويلية 2025 حين أصدرت بلدية باتنة بيانًا أوليًا أكدت فيه تسجيل هجوم كلب متشرد على 11 شخصًا بحي كشيدة ما تسبب في حالة رعب بين السكان خاصة بحي أولاد بشينة حيث انتشر خبر المصابين على مواقع التواصل الاجتماعي وتحدث المواطنون عن إصابة على الأقل 5 أشخاص من بينهم أطفال و مسنين تعرضوا للعض خلال أقل من 48 ساعة.
البيان أكد آنذاك تدخل مصالح البلدية وقتل الكلب المشبوه مع إرسال عينة إلى المخبر البيطري الجهوي بقسنطينة لتحليلها، كما دعت مديرية الوقاية إلى توخي الحذر و أعلنت مباشرة حملة للقضاء على الكلاب المتشردة في أحياء كشيدة وصادق شبشوب.
بيان 22 جويلية: تأكيد رسمي لإصابة كلبين بالداء ورفع درجة التأهب
بعد خمسة أيام من التحاليل المخبرية عادت بلدية باتنة يوم الثلاثاء 22 جويلية ببيان جديد تعلن فيه تسجيل حالتين إيجابيتين مؤكدتين لداء الكلب لدى كلبين ضالين، عثر عليهما أمام مقر الأمن الحضري الثاني بحي المجزرة مما دفع السلطات المحلية إلى تفعيل مواد القرار الوزاري المؤرخ في 17 جويلية 1995 والمتعلق بالإجراءات الصحية في حالات انتشار داء الكلب.
البلدية أكدت في بيانها الثاني بدء تنفيذ حملة إبادة مستعجلة في مناطق انتشار الكلاب المتشردة كما دعت المواطنين إلى الالتزام الصارم بعدم ترك الحيوانات الأليفة دون مراقبة والتبليغ الفوري عن أي حيوان مشبوه.
بيان 23 جويلية: إعلان "أولاد بشينة" بؤرة رسمية لداء الكلب
مساء اليوم الأربعاء جاء البيان الثالث وهو الأكثر وضوحًا وخطورة حيث أعلنت فيه بلدية باتنة رسميًا أن حي أولاد بشينة ومحيطه بؤرة لداء الكلب بعد تأكيد إصابة الكلب الذي هاجم المواطنين الأسبوع الماضي.
البيان الذي وقعه رئيس المجلس الشعبي البلدي، جاء فيه:
"تبعًا للنتائج الإيجابية الواردة من المخبر البيطري الجهوي لولاية قسنطينة عن حالتين مؤكدتين لداء الكلب لكلاب ضالة وجدت بحي كشيدة أولاد بشينة، يعلم رئيس المجلس الشعبي البلدي كافة المواطنين أن هذا الحي ومحيطه يصنف بؤرة، وتطبق بشأنه كل الإجراءات الصحية المعمول بها".
و قد دعت البلدية إلى تجنب الإحتكاك بالكلاب والقطط الضالة و التبليغ الفوري لمصالح الوقاية أو البلدية عن أي حالة مشتبه فيها و التأكيد على ضرورة امتلاك لكل حيوان أليف دفتر متابعة صحية بيطرية ، كما دعت إلى التوجه الفوري للمراكز الصحية في حال التعرض لأي خدش أو عض.
كما حدد البيان عنوان مديرية الوقاية وترقية المحيط البيئي بمدرسة الفنون الجميلة سابقًا، طريق قسنطينة كمركز للتبليغ والإستفسار.
ضحايا من المواطنين وتدخل طبي عاجل
وكانت مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى سونتوريوم قد استقبلت بالفعل عددًا من المصابين أحدهم مكث يوماً كاملا تحت الرقابة الطبية بعد إصابة على مستوى الساق حسب ما أفاد به مصدر طبي لموقع "بركة نيوز". أما الآخرون، ومنهم أطفال و مسنين فقد تلقوا التلقيح الوقائي وتم إخضاعهم للمتابعة.
شهادات السكان أكدت أن الكلب كان يتحرك بين مقبرة أولاد عدي و عطيل العمري فيما لوحظت حالات هلع وإغلاق مؤقت لبعض المحلات من طرف السكان تخوفًا من أي انتشار جديد.
داء الكلب.. الخطر الذي يقتل في صمت
داء الكلب يعد من الأمراض الفيروسية القاتلة التي تصيب الجهاز العصبي وتنتقل للإنسان عن طريق العض أو اللعاب أو الخدش من حيوان مصاب. وتكمن خطورته في أن أعراضه تظهر متأخرة ويصبح قاتلًا بمجرد ظهور العلامات العصبية.
لذلك، تعد الإستجابة السريعة بالتلقيح الوقائي السبيل الوحيد للنجاة وفق ما يؤكده الأطباء ما يجعل دور المواطن في التبليغ والتوجه إلى المستشفى فورًا أمرًا بالغ الأهمية.
بين الإستعجال البلدي والتقصير المجتمعي
يسجل المراقبون أن استجابة بلدية باتنة – رغم أنها متأخرة نسبيًا – جاءت تصاعدية وواضحة، لكن التحدي الأبرز يبقى في سلوك بعض المواطنين الذين يربون كلابًا وقططًا دون رقابة أو تطعيم وهو ما يجعل الظاهرة مرشحة للتفاقم.
كما أن انتشار القمامات العشوائية والمحيط البيئي غير المنظم في بعض الأحياء يسهم في استقطاب الكلاب الضالة ما يستدعي مقاربة شاملة تجمع بين الصحة العمومية، التنظيم الحضري وثقافة المواطن.
معركة وقائية تحتاج الجميع
ثلاثة بيانات رسمية في أقل من سبعة أيام، إصابات مؤكدة، بؤرة وبائية معلنة... كلها مؤشرات على أن ملف داء الكلب في باتنة لم يعد هامشيًا بل أصبح قضية صحة عمومية تقتضي تجاوبًا جماعيًا عاجلًا، تساهم فيه السلطات والمواطنون معًا.
ففي معركة داء الكلب كل تأخير قد يكلّف حياة وكل تهاون قد يُسهم في انتشار المرض.