477
0
إيمدغاسن 2025... البساط الأحمر يضيء وحورية عايشي تصدح بالصوت الأوراسي

مع اقتراب الساعة السادسة والنصف مساءً، تحولت ساحة المسرح الجهوي "صالح مباركية" بباتنة إلى لوحة نابضة بالحياة، الأضواء الكاشفة انعكست على الوجوه المترقبة، والكاميرات تهيأت لإلتقاط اللحظة، فيما اصطف جمهور المدينة الذواق على جانبي البساط الأحمر في إنتظار مرور النجوم.
ضياء الدين سعداوي
من قلب الأوراس، حيث يجاور الحاضر تاريخًا ضاربًا في القدم، إنطلقت سهرة الأربعاء فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للسينما إيمدغاسن في طبعته الخامسة، ضحكات متقطعة، هتافات شبابية و عيون الأطفال المبهورة بالمشهد رسمت ملامح إحتفال لم يعد يخص السينمائيين وحدهم بل مدينة بأكملها.
البساط الأحمر والجمهور الباتني
النجوم والفنانون والأدباء القادمون من الجزائر ومختلف دول العالم، مروا تباعًا على البساط الأحمر وسط تصفيقات الجمهور الذي لم يتوقف عن الهتاف والتقاط الصور ، كان المشهد أقرب إلى لقاء عائلي كبير بين الفن والجمهور، حيث غابت الحواجز وحضرت العاطفة الصادقة التي عرف بها سكان الأوراس.
كلمة افتتاح و منصة للإبداع
داخل المسرح، وقف المفتش العام لوزارة الثقافة والفنون، ميسوم لعروسي ممثلا للوزير زهير بللو، معلناً الإفتتاح الرسمي ليؤكد أن المهرجان أصبح "منصة للفن والإبداع وفضاءً لتبادل الخبرات واكتشاف المواهب" ، كلمات ترددت في القاعة وكأنها إعلان رسمي عن إنتقال إيمدغاسن من حلم شباب إلى مؤسسة ثقافية راسخة.
تكريمات بنكهة إنسانية
الأضواء سلطت على المكرمين، لكل من النجم السوري سلوم حداد، الممثل التونسي صالح الجدي والممثلتان الجزائريتان مليكة بلباي ودليلة حليلوؤ وقد وجهت بلباي كلمة مؤثرة أعلنت فيها تضامنها مع الشعب الفلسطيني عبر تحية للفنان المرابط هناك عز الدين شلح مدير مهرجان القدس السينمائي ، فيما حضرت حليلو (الغائبة بسبب المرض) ، عبر فيديو مؤثر قالت فيه: "ما قدمته قليل أمام حب جمهوري الكبير"، لحظة صمت خيمت على القاعة سرعان ما تبعتها موجة تصفيق طويلة، حملت بين طياتها الإمتنان والوفاء.
الصوت الأوراسي يعود ليصدح
ثم جاء دور الموسيقى لتضيف لمسة الروح، الفنانة حورية عايشي القادمة من الغربة، صعدت على الخشبة بصوتها الأوراسي الأصيل ، غنت من التراث الشاوي، ثم أهدت الجمهور رائعة عيسى الجرموني "عين الكرمة و أعطيني لخبار" ،ارتجت القاعة بالتصفيق و الزغاريد وكأن الزمن عاد إلى الخلف، إلى أيام الأعراس الشعبية في ربوع الأوراس.
منافسة دولية وبرامج ثرية
وفي كلمته أعلن محافظ المهرجان عصام تعشيت عن مشاركة 53 فيلما من 27 دولة، تتنافس في خمس مسابقات رئيسية، مؤكدا أن حضور فيتنام كضيف شرف يمنح الدورة بعدًا ثقافيًا جديدًا، فيما سيكون لفلسطين مشاركة رمزية في المنافسة الرسمية.
ولأن المهرجان لا يكتفي بالعروض، ستفتح أبواب ورشات تكوينية لفائدة 50 شابًا في مجالات الإخراج، التمثيل، صناعة الفيلم والهندسة الصوتية، إضافة إلى ندوات فكرية وملتقيات تربط السينما بالرواية وبالمعالم الأثرية، وعلى رأسها ضريح إيمدغاسن النوميدي الذي ينتظر لحظة تاريخية في حفل الإختتام للإعلان عن تصنيفه ضمن التراث العالمي لليونسكو.
الأورس تحتفي بعراقتها
على هامش التظاهرة، برمجت خرجات سياحية إلى تيمقاد الأثرية والمواقع الطبيعية لباتنة على غرار غابت الأرز الأطلسي بجبال الشلعلع في مبادرة تهدف إلى جعل السينما جسرا للترويج للوجهة الجزائرية كفضاء ثقافي وسياحي.
وبين وهج الأضواء ودفء التصفيق، بدا واضحًا أن إيمدغاسن هذا العام ليس مجرد مهرجان للسينما، بل موعد أوراسي عالمي، يربط الفن السابع بالتراث العريق للمنطقة، ويجعل من باتنة مدينة تعانق العالم عبر شاشة كبيرة وصوت أصيل.