721

0

الطفل الفلسطيني رجل في زمن الحرب

 

بقلم/ مهدية خليل ماضي

 

الطفولة هي الصفحة البيضاء في التي ترتسم على وجوهنا، وهي أجمل اللحظات و أروع الأيام، هي الذكريات المحفورة في ذاكرة السنين، هي لوحة فنية رائعة أبدعت الحياة في رسمها، هي ابتسامة القلب و فرحة الروح، هي الياسمينة المزدهرة، هي حبات المطر الطاهرة والحياة العذبة البسيطة الخالية من شوائب التصنع و الكراهية، هي المرحلة التي يجب أن نشعر بها بالأمان، فهي رحلة صغيرة في حياتنا نسير بها عبر طائرة العمر فكل أطفال العالم يتحدثون عن طفولتهم وعيونهم تلمع ببريق رائع من شدة جمال الذكريات فهم يعتبرون طفولتهم بأنها قطرات الندى المدللة من مراحل عمرهم المختلفة.

 

لكن عذراً يؤسفني القول لكم عن أطفال شُوهت براءتهم على يد ذئاب بشرية لا تعلم أبسط معانِ الرحمة والسلام على الرغم من أننا أطفال ولدنا في أرض السلام وعاصمتها هي مهد الرسالات السماوية السامية، فنحن أبناء فلسطين العروبة والإباء فالطفولة لنا ذات معنى مختلف فنحن أطفال ولدنا بقلب رجل قوي ذات فطنة مسن ذكي، و أول ما رأته اعيننا هي جثامين الشهداء ودموع الأمهات على فلذات أكبادهن، و أول رائحة استنشقناها هي رائحة الدماء، و أول ما جُسد على ملامحنا البريئة هو الخوف الذي سطّر حروفه ببراعة على صفحات وجوهنا فنحن كبرنا على كلمة لاجئ و الآن نعيش بين ثنايا كلمة طفل نازح نبحث من خلالها عن بقايا حياة.

 

اتعلمون أن الوقت الذي يجب أن نلعب و نلهو به كنا نقضيه على طابور تكيات الطعام و شاحنات المياه لنسد رمق الساعات الطويلة من الجوع والعطش، و أما عن العلم والتعليم فكل أطفال العالم يلتحقون ببرامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ونحن أصبحنا جاهزين تماماً لمرحلة الرجولة المبكرة، وكل أطفال العالم يدرسون مكنونات اللغة ومفرداتها ونحن نتعلم أنواع وأسماء الطائرات و الصواريخ التي تتساقط على خيامنا كالمطر، وحتى الرواية التي ترويها لنا أمهاتنا أخر الليل هي رواية عام النكبة و على الجانب الآخر كل أطفال العالم تروي لهم أمهاتهم قصص سندريلا وغيرها خوفاً عليهم من القصص المرعبة، 

 

لكن أتعلمون رغم كل ذلك إلا أنني أشعر بالفخر من طفولتي فنحن أطفال شجرة الزيتون و زهرات و أشبال الأقصى المبارك، وصناع رائحة الدماء الزكية، ونحن من فينا محمد الدرة وفارس عودة وروح الروح، ومع ذلك لم ولن نيأس فما زلنا على أمل أن هناك زمن سياتي ليكون فيه الحب و السلام اساس و التسامح يكون له عنوان، فكيف لنا أن نيأس و نحن قدوتنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم و أرضنا هي الأرض التي وطأها الصدًيق يوسف وولد فيها المسيح عيسى ابن مريم، فنحن امتداد لصبر أيوب وصمود نوح ودعاء يونس في بطن الحوت، فنحن أطفال ولدنا رجال و حرائر في زمن الحرب والإبادة.. فسلامٌ علينا أين ما كنا و سلامٌ علينا حين نموت وحين نبعث إلى العليا.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services