266
0
الشوق إلى رمضان.. عنوان خطبة الجمعة لنهار اليوم

تناولت خطبة الجمعة 08 شعبان 1446 الموافق 07 فيفري 2025، موضوع الشوق إلى رمضان.
ماريا لعجال
وحسب ما أفادت به الصفحة الرسمية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عبر وسم، صدى المنابر، فقد خطب أئمة الجزائر اليوم حول الشوق للشهر الفضيل.
وجاءت خطبة الجمعة من صاحبها ، إمام مسجد دار السلام، الدكتور رضا قارة، ببلدية الدار البيضاء شرق العاصمة، على النحو التالي:
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلِّغ الناس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه .
ربي إن عظمت ذنوبي كثرةً *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنا *** فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل عفوك، ثم إني مسلم
ما أعظمك يا الله .. ما أكرمك يا الله .. ما أرحمك يا الله..
أنت الرحمن الرحيم .. أنت غافر الذنب وقابل التوب أنت الغفور الرحيم..
أنت الرحمن الرحيم لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم..
سبحان الغفور الرحيم، سبحان الغفور الودود الذي يتودد إلى عباده كما قال جل وعلا(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)البروج: 14
1-الشوق إلى الله تعالى
أيها المؤمنون والمؤمنات، إن من أشرف المراتب التي يبلغها المؤمن أن يشتاق لربه سبحانه وتعالى ، لأن حب الله تعالى قد غمر قلبه، وسكن جنانه، فلا هم له إلا لقاء محبوبه عز وجل، وأسعد الأيام لديه اليوم الذي يكون فيه إلى جوار ربه سبحانه وتعالى، في جنة الخلد التي وعد المتقون لذلك كان أعظمَ نعيم أهل الجنة النظر إلى وجه ربهم سبحانه، قال الله تعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ."
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَه" (متفق عليه).
3-نسعى إلى تحقيق عبادة الشوق إلى الله تعالى
فيبنغي أن نعمر قلوبنا بهذه العبادة العظيمة، وأن نسأل الله تعالى أن يبلغنا هذه الدرجة الرفيعة، فقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، «أسألك لذة النظر إلى وجهك،والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة».
5- من الشوق إلى الله تعالى الشوق إلى الجنة:
ومن الشوق إلى الله تعالى الشوق إلى الجنة، فإن أطيب ما في الجنة: قربه تعالى،ورؤيته،وسماع كلامه ورضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أهل الجنة، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى " (مسلم)
لذلك رغبنا الله تعالى في الجنة، بل ندبنا للمسارعة إليه والمسابقة والتنافس فيها قال الله تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"وقال عز وجل: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".
نسأل الله تعالى أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه والشوق إلى لقائه في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
الخطبة الثانية
1-من الشوق إلى الجنة الشوق إلى الأعمال الموصلة إليها:
أيها المؤمنون والمؤمنات، إن من الشوق إلى الجنة الشوق إلى الأعمال الموصلة إليها، والأبواب المشرعة عليها، فيكذب من يدعي الشوق إلى الجنة وهو لا يتحرى مواسم الخيرات، وأعمال البر والطاعات.
2-يشتاق بعض الناس في هذه الدنيا إلى أمور خسيسة:
عباد الله، إن بعض المسلمين مع الأسف الشديد يشتاق إلى أمور تافهة خسيسة، يعد لها الأيام عدا، يحترق بعض المسلمين شوقا لموعد مباراة، يعطل من أجلها أشغاله، ويغير برنامجه، ويفرغ نفسه، وقد رأيت أنه تعلق ساعات ضخمة في بعض البلدان التي تنظم الألعاب الأولمبية دهورا قبل تنظيمها، تعد بها الشهور والأيام والساعات والدقائق والثواني، حتى لا يغفل الناس طرفة عين عن الشوق لذلك "الموعد العظيم".
3-رمضان بعد 21 يوما هل تشتاق إليه
عباد الله، بعد واحد وعشرين يوما من هذا اليوم، سيحل علينا موسم تفتح فيه الأبواب، أبواب الجنة، وتهيئ أسباب دخولها، وتيسر للمؤمنين الأعمال الصالحة، بعد واحد وعشرين يوما سيحل علينا شهر رمضان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ»، فهل بدأ الشوق في قلوبنا لهذا الشهر العظيم، أم قلوبنا مشغولة بكل شيء إلا بالشوق إلى الجنة وإلى شهر الأبواب المفتوحة على الجنة، أم قلوبنا مشغولة بغلاء المعيشة، وباللعب، والتخطيط لعطلة الصيف، والادخار لشراء المكيف، ....
4-شوق السلف إلى رمضان
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ويهيجهم إلى الشوق إليه فيقول : "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقدحرم" وكان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم"،وقال يحي بن أبى كثير: "كان من دعائهم؛ اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً".
5-كيف أشتاق إلى رمضان:
عباد الله، كل عام يهجم علينا شهر رمضان، ونحن في غفلة ساهون، لم نعد له، ولم نتهيأ، ولم نشتق إليه، فتثقل علينا عباداته، ويعز علينا مفارقة الكثير من المعاصي التي تحول بيننا وبين تحصيل ثوابه، فما الحل لهذه المشكلة، إن أول حل أن نوقظ منذ اليوم الشوق إلى هذا الشهر الكريم، أن أتفقد الأيام لأدرك قربه، وأن نترجم هذا الشوق عمليا، فمن الشوق إلى رمضان والاستعداد له:
أ-مطالعة فضل شهر رمضان:
لنبدأ من اليوم، في مراجعة الآيات والأحاديث التي فيها فضل رمضان، وما أعد الله تعالى للصائمين القائمين، حتى نشتاق لتلك الأعمال ونهيأ لها
ب-الدربة على بعض الطاعات التي ستكون في رمضان:
عباد الله، تحيلوا إنسان لم يمارس رياضة الجري لمدة عام، ثم يجري كل يوم لمدة شهر، كيف سيكون حاله، لا شك أن الجري سيشق عليه، وسيخل بكثير من كمال هذه الرياضة، عباد الله، إن من الشوق لشهر رمضان أن يروض أحدنا نفسه من اليوم لعبادات ستحل مواسمها، من صيام وقيام وصدقة، وسحور، وتلاوة للقرآن الكريم، حتى يأتي علينا رمضان وقد ألفتها نفوسنا، فتسهل علينا ونستزيد منها في الشهر العظيم.
جـ- التقليل من المعاصي:
إن من الشوق إلى رمضان والاستعداد له، أن نبدأ من اليوم بإعداد قائمة المعاصي التي سنتوب منها في شهر رمضان، بالانقطاع عن المعاصي أو في أدنى الأحوال تقليلها لأنها سستصدنا عن طاعة الله تعالى في رمضان، وتحجب عنا الثواب.
د-إعداد البرنامج وتفريغ النفس
إن من الشوق إلى رمضان والاستعداد له، أن نعد البرامج لهذا الموسم الكريم، برامج الطاعة والعبادة، العمرة لمن قدر عليها، وتلاوة القرآن والصدقة، والمشاركة في إطعام الطعام، والمرابطة للمسجد، والدعوة إلى الله، أن يفرغ نفسه بالعطلة في العمل للانكباب على العبادة من قدر على ذلك، وإذا كانت لك أشغال من بناء وصبغ أو تصليح للبيت فلا تتركها إلى شهر رمضان أو قبيله فتشغلك عن الاستعداد له.
هـ الحذر من قطاع الطريق:
إن من الشوق إلى رمضان والاستعداد له، أن تحذر من قطاع الطريق، الذين سيبدءون عن قريب وربما بدءوا في إعداد ما يصدك عن دخول الجنة في رمضان، وقد برمجوا لك على مدار اليوم البرامج التافهة الساقطة، ويبشرونك بتلك البرامج شهورا.
نسأل الله تعالى أن يسلمنا لرمضان، ويسلمه لنا وأن يتقبله منا،
ثم اعلموا - رعاكم الله - أن الكيس: من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز: من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . وصَلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا)) .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد. وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين ، الأئمة المهديين : أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعنا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين . اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك .
اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى ، اللهم وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفنا عين .
ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) .