تألّقت تجربة المصوّرة الفوتوغرافية مريم وني، القادمة من عمق الصحراء بعين صالح، في أول مشاركة لها بالعاصمة، حيث لفتت الأنظار بعدستها التي تمزج الحس الجمالي بصدق الانتماء.
حاورتها: أمينة جابالله
عدستها لا تلتقط الصور بقدر ما تُعيد صياغة الحكاية الصحراوية من منظور المرأة التي ترى في الضوء لغةً، وفي الظلّ مسرحًا للدهشة.
في هذا الحوار، تفتح "وني مريم" قلبها لـ"بركة نيوز"، لتتحدث عن بداياتها، ورسالتها الفنية، وتجربتها في فعالية ثقافية وطنية خاصة بنساء الجنوب، وكيف تُحوّل الضوء إلى ذاكرة نابضة بروح الصحراء.
ـ بدايةً، من هي وني مريم؟ وكيف كانت انطلاقتك في عالم التصوير الفوتوغرافي؟
وني مريم، مصوّرة فوتوغرافية من ولاية عين صالح، من مواليد سنة 1994، بدأت رحلتي مع التصوير بدافع الشغف، إذ كنت أرى في الكاميرا وسيلة لأحكي حكايات الناس والبيئة الصحراوية التي أنتمي إليها، كانت البداية صعبة بسبب قلة الإمكانيات، لكنها كانت أيضًا تحديًا جميلاً تغلبت عليه بالإصرار وحبّ الضوء.
ومع مرور الوقت، شاركت في معارض ومسابقات داخل الجزائر وخارجها، وتحصلت على جوائز فوتوغرافية دولية وعدة شهادات وطنية، وهو ما شجعني على المضيّ قدمًا في هذا الدرب الإبداعي.
ـ كيف روت عدستك حكايتها في المهرجان الثقافي الوطني لإبداعات المرأة؟ وما الذي جعل الضوء رفيقك في تلك التجربة؟
روت عدستي حكايتها عبر وجوه الناس وملامحهم، من خلال طريقة عيشهم ولباسهم وتفاصيلهم اليومية التي تختصر تاريخ المكان وعمقه الإنساني، وما جعل الضوء رفيقي هو إحساسي الجمالي بما حولي، وتجربتي مع الحياة التي علمتني أن أرى الجمال حتى في لحظات القسوة.
الضوء بالنسبة لي ليس عنصراً تقنياً فحسب، بل هو شريك وجداني أعبّر به عن أحاسيسي وعن نظرتي للحياة.
ـ ما الرسالة التي حاولتِ أن تهمسي بها من خلال صورك؟ وهل تؤمنين أن الصورة قادرة على قول ما تعجز عنه الكلمات؟
ـ نعم، أؤمن تماماً أن الصورة قادرة على أن تنطق بما تعجز عنه اللغة، أردتُ أن أقول من خلال عدستي إن المرأة الصحراوية مبدعة في كل حالاتها؛ قوية، صبورة، أنيقة رغم قسوة المناخ، وحاملة لتراثها بكل فخر، صوري هي تحية لتلك المرأة التي تصنع يومها بشجاعة، ولها في كل نظرةٍ حكاية من نور.
ـ كامرأة تصنع الجمال من خلال الضوء والظل، كيف ترين حضور المرأة الجزائرية في فضاء التصوير الفوتوغرافي اليوم؟
ـ أرى أن حضور المرأة الجزائرية في التصوير أصبح أقوى وأجمل من أي وقت مضى، خصوصاً المرأة الصحراوية التي بدأت تفرض أسلوبها الخاص وتعبّر عن ذاتها بعدستها، هناك رغبة حقيقية في إثبات الذات ومشاركة الرؤية الفنية مع الآخرين، رغم كل الصعوبات.
ـ ما أكثر ما لامس قلبك من تفاعل الزوار مع أعمالك؟ وهل وجدتِ في عيونهم صدى لما أردتِ قوله بعدستك؟
ـ تفاعل الزوار كان مؤثراً جداً، خاصة مع صورة الطفلة الصغيرة التي التقطتُها في إحدى قرى الجنوب، رأيت في عيون الناس دهشةً جميلة وحنيناً صادقاً، وكأنهم وجدوا في الصورة أنفسهم وطفولتهم وذاكرتهم، ذلك التفاعل منحني طاقة كبيرة للاستمرار.
ـ كل مصوّرة تحمل وراء الكاميرا حكاية تعب وشغف.. ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في هذا الدرب؟
ـ واجهت الكثير من الصعوبات، أبرزها قلة الإمكانيات وضعف ثقافة الصورة في المنطقة، لكنني تجاوزت كل ذلك بالإصرار والتجربة.
البداية لم تكن سهلة، لكن مع الوقت والجهد والبحث المستمر تطورت تجربتي، والحمد لله تمكنت من المشاركة في مسابقات فوتوغرافية دولية والوصول إلى جوائز وشهادات وطنية مهمة.
ـ وأخيرًا، ماذا تقولين لنساء الجزائر المبدعات وهنّ ينسجن بخيوط الضوء واللون ذاكرة هذا الوطن الجميل؟
ـ أقول لهنّ: "لا تيأسنّ أبداً، وواصلنَ السعي وراء أحلامكنّ، الفن طريق طويل لكنه جميل، ومن تؤمن بما تفعله تصل.
فلتصنع كل امرأة جزائرية بصورتها، أو قصيدتها، أو ريشتها، جزءاً من ذاكرة هذا الوطن الذي يستحق أن يُروى بالجمال."