51
0
الخبير مبتول يشخص معطيات التعاون الاقتصادي بين الجزائر وايطاليا
فرص ثمينة لشراكة بناءة وسط مناخ عالمي متذبذب
.jpeg)
بين الجزائر وإيطاليا تؤسس جسور شراكة متنوعة ومتوازنة ترتكز على الفعل الاقتصادي تحت عنوان بارز هو الاستثمار وفقا لقاعدة تقاسم الاعباء والارباح في وقت تمر به عديد البلدان في شمال المتوسط بأزمة سيولة وخسارة اسواق. لذلك فان تعميق العلاقات الراسخة منذ زمن طويل مسار طبيعي يمنح البلدين فرصا ثمينة للتقدم معا وسط مناخ عالمي متذبذب ينعكس مباشرة على الاقتصاد والنمو والاستقرار الامر الذي يضع التعاون الجزائري الايطالي في صدارة المشهد كنموذج يفتح آفقا أوسع تمتزج فيه الطاقات والقدرات والخبرات والتطلعات المشتركة لا مكان فيها للابتزاز أو المساومة أو الهيمنة. وفي هذا الاطار كانت لزيارة الرئيس تبون الأخيرة الى روما نتائج يرتقب أن تبنى عليها مشاريع ثنائية ومتكاملة تستجيب في المدى القريب والمتوسط لمصالح وتطلعات الجانبين على قاعدة التوازن والاستجابة للاحتياجات المتبادلة تقوم ضمنها المؤسسة الاقتصادية بدور المحرك لترجمة التوافق السياسي الى مكاسب اقتصادية مشروعة.
تحسن الاحتياطي تقليص العجز
وضمن هذا التشخيص يرصد الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور عبد الرحمان مبتول جملة من المؤشرات تسمح بالوقوف على ثقلها في المعادلة منطلقا بالوقوف على ابرز المؤشرات الاقتصادية الكلية بإيطاليا، فيقول:
من بين المؤشرات الاقتصادية الكلية نشير الى أن الناتج الداخلي الخام لايطاليا يقدر في سنة 2024 بحوالي 2192 مليار أورو ما يعادل بالسعر الحالي للدولار حوالي 2564 مليار دولار بمعدل ناتج داخلي خام لكل نسمة بأكثر من 34398 دولار ويعادل هذا الرقم 272 بالمائة للمعدل العالمي. بالنسبة للتضخم يبقى أقل من الهدف بنسبة 2 بالمائة المحدد من البنك المركزي الأوروبي والبنك الايطالي مع توقع تضخم بنسبة 1،6 بالمائة فيما نسبة البطالة تبقى قريبة من المعدل الأوروبي حسب المعهد الوطني للإحصائيات المقدر في سنة 2025 بنسبة 5،9 بالمائة. غير أن البطالة في أوساط الشباب تبقى مرتفعة بنسبة 19،2 بالمائة للشريحة العمرية من 15 إلى 24 سنة و9،1 بالمائة للشريحة العمرية من 25 إلى 34 سنة. أما في ما يتعلق باحتياطي الصرف المشكل من أصول أجنبية لدى البنك المركزي فقد بلغ رقما قياسيا بـ307193،90 مليون أورو في ماي 2025 حسب "ترادينغ ايكونوميسكس" تشمل الذهب والعملات الأجنبية وحقوق السحب الخاصة والسندات التفاوضية تسمح للبنك المركزي بقيادة عمليات صرف ومواجهة أي اختلالات محتملة لميزان المدفوعات".
ويضيف الخبير في قراءته التحليلية أن "ايطاليا قلصت عجزها العام من 7،2 بالمائة الى 3،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في الفترة بين 2023 و2024 وتصبو الى تقليصه أكثر الى 3،3 بالمائة في سنة 2025 عن طريق تخفيض النفقات العمومية لتنتقل من 155 بالمائة في سنة 2000 الى 133 بالمائة بنهاية 2024 وانزاله إلى أقل من 3000 مليار أورو وانهاء مساهمة الدولة في بعض كبريات الشركات مع توجه الى اعتماد خوصصة متحكم فيها وصرامة أكثر للميزانية مع الحفاظ على التماسك الاجتماعي وانتهاج اصلاحات هيكلية مما سمح بنمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى حوالي 453 مليار أورو بينما بلغت الاستثمارات الايطالية بالخارج 557 مليار أورو مع تركزها في أسواق الولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا وألمانيا".
أبرز الشركاء الاقتصاديين
ويستطرد الأستاذ الخبير مبتول "في الفترة بين سنتي 2023 و2024 تميزت التجارة الخارجية لايطاليا بـ80 بالمائة بضائع و20 بالمائة خدمات ما يمثل كنسب مئوية من النتاج الداخلي الاجمالي (الخام) صادرات بنسبة 37،15 بالمائة وواردات بنسبة 38،69 بالمائة. بالنسبة للبضائع المصدرة فإنها تشمل الأدوية والمواد الصيدلانية والآلات الصناعية والأجهزة الدقيقة ومنتجات الملابس والمركبات، أما في ما يخص أبرز السلع المستوردة فتتمثل في المواد الكيميائية والمركبات والنفط الخام والمعادن الثمينة والغاز الطبيعي. وفي سنة 2024 بلغت صادرات ايطاليا ما يعادل 623 مليار أورو مع تسطير هدف بلوغ 700 مليار أورو في سنة 2025 والواردات بما يعادل 569 ميار أورو مع رصيد ميزان تجاري ايجابي بـ54 مليار أورو. وتبقى القارة الأوروبية أول زبون وأول ممون لايطاليا مع 66،1 بالمائة من الصادرات و66،3 بالمائة من الواردات في سنة 2024. وأهم خمسة شركاء تجاريين لايطاليا هي على التوالي ألمانيا 11،4 بالمائة من اجمالي الصادرات – الولايات المتحدة 10،4 بالمائة – فرنسا 10 بالمائة – اسبانيا5،5 بالمائة وسويسرا بنسبة 4،8 بالمائة، بينما في ما يخص الواردات فان أبرز الممونين لإيطاليا بالترتيب التنازلي وبالقيمة النقدية هي ألمانيا 14،9 بالمائة –الصين 8،7 بالمائة –فرنسا 8 بالمائة –الأراضي المنخفضة (هولندا)6،4 بالمائة –اسبانيا6 بالمائة وسويسرا بنسبة 2،8 بالمائة. وتبقى ايطاليا بلدا تابعا لاستيراد الطاقة ففي السنة الماضية 75 بالمائة من الطاقة المستهلكة عبر البلاد تم استيرادها فروسيا قبل اندلاع الأزمة مع أوكرانيا كانت تمون ايطاليا بالطاقة بنسبة تفوق 40 بالمائة وفي 2024 تراجعت النسبة الى حوالي 11 بالمائة عن طريق الغاز (أقل من 19 بالمائة بما يشمل الغاز الطبيعي المسال). ومنذ 2023/2024 أصبح الغاز الطبيعي المسال يغطي ربع حاجيات ايطاليا من الغاز المستورد أساسا من قطر والولايات المتحدة ومن الجزائر عبر خط انابيب "ترانسميد" بالتوازي مع الأحجام المنقولة عبر الأنابيب من النرويج وأذربيجان مع الانتباه الى الوضع في ليبيا حيث تجري مفاوضات عقود في هذا الشأن".
بيانات تحت المجهر
وتناول الخبير العلاقات الاقتصادي بين الجزائر وايطاليا قائلا : "استنادا للوكالة الايطالية للترقية بالخارج وتدويل الشركات الايطالية وعلى اسا بيانات سنة 2024 فان ايطاليا تعد أول زبون للجزائر في جانب كبير بفضل استيرادها للمحروقات وثالث ممون بوصول 14 مليار أورو ما يعادل بالسعر الحالي للعملة 16،38 مليار دولار. وبالتحديد فان الصادرات الايطالية الى الجزائر بلغت 2،9 مليار أورو بتسجيل زيادة بنسبة 2،7 بالمائة مقارنة بسنة 2023 والواردات الايطالية من الجزائر ارتفعت إلى حوالي 11 مليار أورو بانخفاض 21 بالمائة وبالتالي تسجيل عجزا تجاريا لفائدة الجزائر وفي 2024 استوردت ايطاليا الغاز من الجزائر بقيمة 9،4 مليار أورو تضاف اليها 1 مليار أورو منتجات مستخلصة من تكرير النفط بارتفاع 29،7 بالمائة وواردات النفط الخام بلغت 457 مليون أورو. ومن بين الصادرات الايطالية إلى الجزائر توجد الآلات ذات الاستعمال العام مثل التوربينات والمضخات ومعدات ديناميكا الموائع بمبلغ 285 مليون أورو بزيادة 31،8 بالمائة والآلات المتخصصة لقطاعات البناء والأغذية الزراعية والبلاستيك الزراعي الغذائي والطباعة بمبلغ 281 مليون أورو بزيادة 22،9 بالمائة والصادرات من منتجات تكرير البترول بقيمة 262 مليون أورو بزيادة 23 بالمائة والآلات العامة بما فيها معدات الرفع وتجهيزات الصناعة الكيميائية والبتروكيماوية بمبلغ 230 مليون أورو بزيادة 41،4 بالمائة وكذا مبيعات السيارات بمبلغ 270 مليون أورو بانخفاض 7،5 بالمائة مقارنة بسنة 2023 كون مشروع "ستيلانتيس" بالجزائر كونه حاليا مصنع للتركيب بنسبة ادماج 10 بالمائة في 2024 فان كافة المكونات مستوردة مع توقع انجاز نسبة ادماج 30 بالمائة في 2026 مع التوضيح أن "ستيلانتيس" تواجه صعوبات مالية حسب وكالة رويترز بفعل خسارة 2،3 مليار أورو في السداسي الأول 2025 وذلك أساسا بسبب انخفاض المبيعات في أوروبا وفي أمريكا الشمالية وكذا الأعباء الناجمة عن الرسوم الجمركية واعادة الهيكلة".
ويشير الخبير مبتول إلى أنه "خلال زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الى روما في 23 و24 جويلية 2025 تم توقيع عدة بروتوكلات تفاهم في عدة قطاعات من بينها مذكرة بين مجمع سوناطراك والشركة الايطالية إيني ترمي الى تدعيم الشراكة في المحروقات والطاقات المتجددة والتحول الطاقوي وكذا في بناء مركب لإنتاج الحديد بنسبة كربون منخفضة بمبلغ 1 مليار أورو مع تطوير الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة ومذكرة اتفاق تخص مصنعا بمساحة 10 آلاف متر مربع لإنتاج مكونات بلاستيكية لقطاع السيارات وبالخصوص لشركة "ستيلانتيس" وعدة اتفاقيات لتثمين النفايات العضوية ومعالجة الخردوات وانتاج الحديد بالطاقة المتجددة وفي الصناعة الغذائية مع مؤسسات خاصة اتفاقات في الصيدلة والأدوية وأخرى في التكوين في تخصص انتاج الرخام والأتمتة الصناعية".
ويخلص الى أنه "حسب ما اوردته وكالة "اجنزيا نوفا" فان الاستثمارات الايطالية بالجزائر تندرج في اطار واسع من بينها "مشروع الغاز غالسي" الذي لا يزال في مرحلة التبلور منذ 2012 في اطار "مخطط ماتيي" للحكومة الايطالية الذي يهدف الى ترقية التنمية المستدامة في افريقيا عبر مشاريع ملموسة في قطاعات الطاقة والبنى التحتية والفلاحة والتكوين ويترجم هذا ديناميكية الاقتصاد الايطالي باعتراف كافة الهيئات الدولية فإيطاليا هي الثالثة أوروبيا بعد ألمانيا وفرنسا تليها اسبانيا وبالوتيرة الحالية تقترب من الاقتصاد الفرنسي. وبالنسبة للتعاون الاقتصادي بين ايطاليا والجزائر فتشير إليه مؤشرات المبادلات بين الطرفين علما أنها عضو في مجموعة ال27 للاتحاد الأوروبي الذي لجأ الى التحكيم بلسان اللجنة الأوروبية و70 بالمائة من مبادلاتها معه و80 بالمائة مع الغرب في وقت تمثل المصالح حجر الزاوية في العلاقات الدولية والأعمال".