312
0
الجزائر تُخلّد الذاكرة... واللاجئ الفلسطيني يُصافح التاريخ

في رحاب متحف المجاهد في لحظة مشحونة بالرمزية والتاريخ، وفي قلب العاصمة الجزائرية، استقبل المتحف الوطني للمجاهد صباح اليوم الاثنين 19 ماي 2025 وفدًا رسميًا فلسطينيًا رفيع المستوى، ترأسه الوزير أحمد أبوهولى المسؤول عن ملف اللاجئين الفلسطينيين، رفقة السفير الفلسطيني بالجزائر وأعضاء الوفد المرافق له.
بن معمر الحاج عيسى
في زيارة تُجسد عمق العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الجزائري والفلسطيني، وتعيد التأكيد على أن القضية الفلسطينية لا تزال في صلب الذاكرة الجزائرية والوجدان الوطني.
انطلقت الزيارة بجولة داخل أروقة المتحف، حيث قدّمت إدارة المتحف شروحات وافية للوفد الزائر حول تاريخ الجزائر المجيد، الممتد من المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في بدايات القرن التاسع عشر، مرورًا بمرحلة الحركة الوطنية السياسية والثقافية، وصولًا إلى الثورة التحريرية المجيدة التي اندلعت عام 1954، ودوّت في أرجاء العالم كأحد أبرز أنماط الكفاح من أجل التحرر الوطني في القرن العشرين.
وقد بدا التأثر واضحًا على الوزير الفلسطيني وأعضاء الوفد أمام ما عايشوه من تفاصيل حية، وصور نادرة، ووثائق وشهادات تعكس جسارة الجزائريين في انتزاع حريتهم من استعمار غاشم استمر لأكثر من 132 عامًا.
الزيارة لم تكن مجرد وقوف أمام معروضات، بل كانت مواجهة مباشرة مع روح المقاومة الجزائرية، وتجديدًا للعهد على أن النضال من أجل الكرامة لا وطن له، بل هو مشترك بين الأحرار في كل زمان ومكان.
وفي تصريحات له على هامش الزيارة، أكد الوزير أحمد أبوهولى أن "الجزائر كانت دومًا الحضن الدافئ للقضية الفلسطينية، وأثبتت عبر تاريخها الطويل أنها بلد المبادئ الثابتة، وليست مجرد دولة داعمة بالخطابات، بل بالدم والمواقف والأفعال".
وأضاف: "ما شهدناه اليوم في هذا المتحف العريق هو رسالة حية لكل فلسطيني بأن الطريق نحو الحرية لا يُعبّد إلا بالصبر والتضحيات، وأن الروح الجزائرية المنبعثة من هنا، قادرة على إنارة دروب نضالنا الفلسطيني".
من جانبه، عبّر السفير الفلسطيني عن امتنانه العميق للجزائر، شعبًا ومؤسسات، على احتضانها الدائم للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن زيارة المتحف الوطني للمجاهد ليست مجرد فعالية بروتوكولية، بل هي "رحلة إلى عمق الهوية التحررية الجزائرية التي ألهمت العديد من حركات المقاومة حول العالم، وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية".
اختتمت الزيارة بتوقيع الوزير الفلسطيني على السجل الذهبي للمتحف، حيث دوّن كلمات مؤثرة تعكس إعجابه بالتاريخ النضالي للشعب الجزائري وتقديره العميق لهذا الصرح الذي يحفظ الذاكرة الوطنية، ويجسد قيم الوفاء والتضحية.
كما تم تقديم هدية رمزية من طرف إدارة المتحف، عربون تقدير واعتراف بالمكانة الخاصة التي تحظى بها فلسطين في قلوب الجزائريين.
إنها ليست مجرد زيارة رسمية... بل هي محطة وجدانية تؤكد أن الجزائر لا تنسى فلسطين، وفلسطين لم تنسَ أن الجزائر كانت – ولا تزال – أرض الأحرار ومحراب الكفاح.