697

0

الجزائر تطبق مبدأ المعاملة بالمثل وتذكر فرنسا بقواعد الإلتزام الدبلوماسي

بقلم ضياء الدين  سعداوي

 

في تطور جديد وغير مسبوق في العلاقات الدبلوماسية الجزائرية الفرنسية، أقدمت الجزائر على استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي مجددًا وهذه المرة لتبلغه – وبنبرة أكثر حزمًا – أن زمن التجاوزات الصامتة قد انتهى وأن الرد بالمثل لم يعد خيارًا، بل صار واقعًا مطبقًا على الأرض.

 

البيان الثاني الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية يؤشر إلى دخول الأزمة مع فرنسا مرحلة التنفيذ الصارم لسيادة الدولة من خلال سحب كافة الإمتيازات التي كانت ممنوحة لأعضاء السفارة الفرنسية وخاصة تلك المتعلقة بالدخول إلى المراكز والمطارات الجزائرية الحساسة.

من الحقائب إلى الإمتيازات… المعاملة بالمثل تدخل حيز التنفيذ

 يظهر البيان في جوهره أن الجزائر لم تكتف بالإحتجاج أو المطالبة بالتوضيح كما جاء في البيان السابق بل انتقلت الآن إلى مرحلة الرد العملي تطبيقًا لمبدأ المعاملة بالمثل وهو أحد أقوى الأدوات التي تستخدم في العلاقات الدولية للدفاع عن السيادة وفرض الإحترام.

فالحقائب الدبلوماسية التي منعت الجزائر من استلامها في سفارة الجزائر بباريس ثم اتسع نطاق تطبيقها إلى باقي المراكز القنصلية الجزائرية بفرنسا لم تكن مجرد طرد بريدي بل رمز سيادي تم التنكر له من طرف وزارة الداخلية الفرنسية مما جعل الجزائر تعتبر الأمر انتهاكًا صريحًا لإلتزامات دولية تقع على عاتق الحكومة الفرنسية بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

فرنسا تحرج دبلوماسيتها والجزائر تكشف التناقض

اللافت في البيان أن الجزائر حرصت على فضح التناقض داخل المؤسسات الفرنسية نفسها بالإشارة إلى أن "العرقلة بدأت في السفارة الجزائرية بباريس" رغم أن وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية سبق وأن تعهدت بتجاوزها.

بمعنى آخر الجزائر تحمل باريس مسؤولية مباشرة عن الإخلال بالالتزامات الدولية وترى أن التراخي الفرنسي في ضبط مؤسساتها الداخلية لا يعفيها من دفع ثمن السلوكيات المنافية للأعراف الدبلوماسية.

بعد استرجاع البطاقات، هل بدأ تفكيك الإمتياز الفرنسي؟

أكثر ما يلفت الإنتباه في البيان هو قرار الجزائر بـسحب بطاقات الدخول الخاصة التي كانت تستفيد منها سفارة فرنسا في الجزائر وهو إجراء غير تقليدي في العلاقات الدبلوماسية ويكشف عن مدى التوتر الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية.

هذا القرار رغم رمزيته إلا أنه يحمل في طياته دلالة قوية، لن تكون هناك امتيازات بلا إحترام متبادل، فما يمنح من تسهيلات دبلوماسية يمكن استرداده متى ثبت أنه لا يقابل بالمثل.

تحول نوعي في العقيدة الدبلوماسية الجزائرية

منذ عقود عرفت الدبلوماسية الجزائرية بالهدوء والحذر لكن هذا الملف أظهر تحولًا نوعيًا في أسلوب التعامل مع الشركاء الدوليين خاصة أولئك الذين لا يلتزمون بالمعايير المتفق عليها دوليًا.

الجزائر باتت تتصرف وفق منطق الدول القوية: "ما لا يحترم يسحب" وهي رسالة موجهة ليس فقط إلى باريس بل إلى عواصم أخرى قد تفكر في "التحايل على الأعراف" تحت غطاء الإجراءات الإدارية أو الأمنية.

هل الدبلوماسية الجزائرية في موضع قوة؟

في أقل من 72 ساعة تحولت حادثة الحقيبة الدبلوماسية من سلوك إداري فرنسي غامض إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة تمارس فيها الجزائر سيادتها بثقة وتفرض احترامها في العلن.

قد تراهن باريس على مرور الوقت لتبريد الوضع لكن الواضح أن الجزائر هذه المرة لا تتعامل بمنطق التهدئة بل بمنطق الردع، والرسالة شديدة الوضوح: كل من يمس بسيادة الجزائر سيعامل كما لو كان مس كرامتها.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services