164
0
البقاء بالقوة دون الحق وهم تاريخي..

بقلم : جون مصلح
منذ أن أُعطي الوعد المشؤوم، كانت بريطانيا اليد الأولى في تمكين المشروع الصهيوني إذ سلحت الفيلق اليهودي ومهدت الطريق لقيام الكيان المزعوم قبل انسحابها.
ثم لحقت ألمانيا التي أنفقت ما يزيد عن ٩٠ مليار مارك دعماً له وما زالت تنفق حتى اليوم.
أما الولايات المتحدة فتكفّلت بتسليح الكيان بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا وضمان حمايته دوليا بلا انقطاع.
ولم يكن الشرق أقل خطرا من الغرب، فقد وجهت روسيا الصفعة الأكبر للعرب مسلمين ومسيحيين حين ضخت في الكيان أكثر من مليون ونصف مهاجر يهودي شكلوا عماد قوته البشرية.
وهكذا تكالبت القوى الكبرى شرقا وغربا ليثبت أن الكفر ملة واحدة..وأن فلسطين ليست أول ساحة تستباح بأيدي الغزاة.
لكن القدس وحدها تشهد أن الاحتلال ليس قدرا أبديا. فاسألوها يوم داسها الرومانيين والبيزنطيين .
واسألوها يوم أحرقها التتار وهدموا مسجدها، كيف عادت حيّة نابضة، واسألوها يوم دنسها الصليبيون كيف استردّت مجدها.
التاريخ يقول كلمة واحدة: القوة بلا حق زائلة، والحق ولو طال غيابه عائد لا محالة.
ولهذا يظل الكيان يعيش في قلق التاريخ مدركا أن ما بُني على الظلم لا يدوم .وأن إرادة الشعوب أقوى من كل تحالفات السلاح.. وشعبنا متجذر فى هذه الأرض، ولو اجتمعت كل قوى الشر، فهو صاحب الارض٠وسينتصر٠٠٠والله غالب.
غزة… أكثر مكان في العالم يصرخ ويُقابل بالصمت
غزة ليست مدينة عادية بل أعلى صوت للإنسانية في هذا الزمن... كل بيت فيها يصرخ..كل حجر فيها يصرخ.. حتى البحر فيها يصرخ… لكن الغريب أن هذه الصرخات لا تجاب إلا بالصمت..
صرخة طفل يخرج من تحت الركام ..صرخة أم تبحث عن ابنها المفقود.. صرخة جائع يقف في طابور طويل من أجل أى شئ يؤكل..صرخة مريض يختنق بلا دواء ولا سرير… كلها ترتطم بجدار صلب اسمه الصمت..
مجلس الأمن صامت.
المؤسسات الحقوقية صامتة.
العواصم الكبرى صامتة..
صوت غزة يعلو حتى يوشك أن يُمزق السماء، ومع ذلك لا يجد إلا آذانا مُغلقة وقلوبا ميتة صامته..
لكن الأعجب من كل هذا أن غزة رغم كل الجراح اخترعت لغة خاصة للصرخة:
صرخة تتحول إلى أغنية صغيرة في فم طفل
صرخة تتحول إلى ابتسامة على وجه شاب يوزع ما يؤكل..
صرخة تتحول إلى دعاء في ليل طويل..
صرخة تتحول إلى تصميم عنيد على البقاء..
لن يكون الصمت خلاصًا لكم… لأن صرخات الاطفال ستظل تطارد ضمائركم ..
اجعل صرخة غزة صداك شاركها تحدث عنها.
حرك ضمير من تستطيع.
اكسر الصمت الذي يقتل أكثر من القنابل.
لك الله يا غزة، والله غالب ...