415
0
الأسرى في رمضان

اشتباك
بقلم : علي شكشك
لم يتوقفوا يوماً عن اغتياله, فقد كانوا يشيّدون له منذ ما قبل الولادة كلَّ مراسيم الجنازة, وأعدّوا المسرح الكونيَّ وشيدوا الستائر والمقاعد والجمهور, وكتبوا البيان الأوّل, وحيثيات الدفن, وأعلنوا عام ثمان وأربعين افتتاح الرواية, ولم يتوقفوا بعدَها عن تأكيد وفاته, وتمزيق جسده وتبديد أشلائه, ولاحقوه, في منافيه ومخيماته, وأمعنوا في التمثيل به وامتهانه, وصادروا ماضيه واحتلوا ذكرياته, وسكنوا بيته واستدفأوا بفِراشه, وربَّوا أوهامهم في حديقته, وبنوا جدراناً لعيونه, لكي يساعدوه على نسيان عذابه في مدى بصره,.
فلعله عندما يحتجب عن مسقط روحه يساعدهم على نسيانه, وحين يسترق الحلمَ قليلاً إليه يقصفونه من كوابيسهم ويريحونهم من عذابه, مذابحَ ومنافيَ جديدةً تنسيه منافيَه الأولى, ويتيه حنيناً إلى منفى أقلَّ قسوةً وغربةً وحبّاً, فالحبُّ كان أيضاً قاسياً وجارفاً وساحقاً وحزينا, وكانوا يبحثون في أحشائه عنهم, يفتشون بيته وحقله, أعضاءه عضواً فعضواً, أحزانه حزناً حزناً. أرضَه شبراً وشبراً, يسرقونه شيئاً فشيئاً, يمحونه كما يريدون سطراً فسطراً, يبعدونه حلماً فحلماً, يشكلونه حجراً وحجراً, يقطعونه غصناً فغصناً, ثمَّ ما ناموا ولا راحوا, ولكن صارت الأغصان غابة والأحجار أحزاناً وأحلاماً, وعلى عتبات قديم ذكرياته نمَتْ أعشابُه وامتدّت الطرقاتُ من بابه, كانوا يبحثون في أحشائه عنهم, ينبشون تاريخه وجغرافيته ويضربون الرمل فيه, ويَقصّون أثرَه وزيَّه ولسانَه, ولونَ عينيه وهندامه, يعيدون تحليل ذائقته وأطباقه, يتحسسون هيكله, يدسّون أنفهم ورواياتهم في مزاجِه وأشعاره وإلفِ ليلِه, وفي ليلاه وفي عنترة, يعيدون رسم الخارطة, وكانوا يبحثون في أحشائهم عنه, يستخلصونه منهم, يُسكتون صوته فيهم ويكبتون حزنه, ويثملون حين يفيض الوجدُ من أنّاته بكأسٍ من موسيقى الطائرات, أو سوناتا من صبرا وشاتيلا, ولوحة من عناقيد فوسفوريّة تخلط التراب بالسماء, وحين يعودون إلى بيته الذي يسكنون يتذكرونه فيهم فيقصفونهم فيه, لعلّهم يتحررون منه, كان هاجسَهم, وكان يكبر فيهم إلى أن يتفجّروا في مقولاتهم ولا يجدون إلا الجدران تفصلهم عنهم, كانوا وقد سجنوه فيهم لا يجدون مناصاً منه, وكان لابد أن يسفكوا دمهم لكي يخرجوه منهم, ويتحرروا من هاجسهم, كان لابد كي يتحرروا منه أن يموتوا لكي يستخلصوه, ليقبضوا عليه أو يقتلوه, وكان لابد أن يتحرّرَ هو لكي لا يجدَه فيهم أو يجدَهم فيه.
رمضان والأسرى
بقلم: عبد الناصر عوني فروانة
كثيرٌ من الفلسطينيين اعتقلوا خلال شهر رمضان المُبارك، فالاعتقالات الإسرائيلية لم تتوقف في ذات يوم. وكثيرٌ من الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، استقبلوا الشهر، مرة أو مرات عديدة، وهم خلف القضبان أو في أقبية التحقيق وبين جدران زنازين العزل الانفرادي. وكل واحد من هؤلاء يحتفظ في ذاكرته بشيء من الذكريات. فيما هناك من بين الأسرى من قضى الشهر الكريم ثلاثين مرة، بل وأكثر من أربعين مرة داخل السجن، ولا يزال أسيراً. لقد عانى الفلسطينيون طويلاً، جراء الاعتقالات اليومية خلال شهر رمضان المبارك، وعانى الأسرى وذويهم كثيراً، بفعل السجن والسجان. إن بطش الاحتلال الإسرائيلي وظُلمه لا يتوقف على استمرار الاعتقالات في شهر رمضان المبارك، وإنما امتد ليُطال الأسرى العُزل داخل سجونه، فترى إدارة السجون تُصعد من اقتحاماتها لغرف الأسرى وتعتدي عليهم وتعبث بمقتنياتهم وتسعى لإتلاف حاجياتهم الخاصة، وتتلاعب بمواعيد إيصال وجبات السحور والإفطار، والتي هي دائماً وجبات منقوصة وسيئة كما ونوعاً وتفتقر للمقومات الأساسية، لذا يحاول الأسرى شراء ما يسد بعض حاجاتهم من مقصف السجن (الكانتينا) على نفقتهم الخاصة. كما وتضع إدارة السجون عراقيل كثيرة أمام إدخال المصاحف والكتب الإسلامية والتمور والحلويات، وتفرض قيوداً على ممارسة الشعائر الدينية وقراءة القرآن بصوت جهور والصلاة الجماعية وصلاة التراويح في ساحة القسم، وهذا يخالف ما تنص عليه اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة. إضافة إلى ذلك هناك آلاف من الأسرى محرومين من رؤية ذويهم وأقربائهم عبر الزيارات، بسبب الإجراءات والقيود الإسرائيلية، أو بذريعة المنع الأمني، مما يُفاقم من معاناة الأسرى وذويهم. فيما من يُسمح لهم بالزيارة من الأهالي، تكون زياراتهم مغمسة بالألم والحزن والمعاناة. إن نحو (4800) أسير، بينهم (29) أسيرة و(170) طفلاً، ومئات من المرضى وكبار السن، يعانون الأمرين في شهر رمضان المُبارك، ما بين مطرقة الحرمان والشوق والحنين للأهل، وسندان ظروف الأسر وتصاعد الإجراءات القمعية وسوء الأوضاع الصحية واستمرار سياسة الإهمال الطبي. فيما يُعاني الأهالي كذلك جراء غياب الحبيب عن مائدة الإفطار، فكم من أُمٍّ غُصّ حلقها باللقمة لحظة الإفطار، وهي تتذكّر ابنها الذي يقبع خلف القضبان، وكم من أبٍ انهمرت الدموع من عينيه في رمضان، وهو يتصور ابنه بين أيدي السجانين يُعذب ومحروم من أبسط الحقوق الإنسانية، وكم من طفل يُعاني اليوم في رمضان جراء اعتقال أبيه أو أمه!. فيخيم الحزن والألم وحسرة الفراق على الجميع ساعة الإفطار، ولسان حال الأسرة يردد دائماً: اللهم اجمعنا بأسرانا العام القادم على مائدة واحدة بعيداً عن ظلم السجان. وبرغم الألم، فإن الأسرى يُدركون بأن الحياة يجب أن تستمر، لذا تراهم يحاولون تناسي ما بهم من هموم ومآسي، ويكظمون ما بهم، ويُخفون آلامهم أمام السجان، فيستقبلون الشهر بداية بفرح وسرور، ويتبادلون التهاني بقدومه، ويحافظون على خصوصية الشهر الروحانية والدينية، ويستغلون أوقاتهم بالدعاء والصلوات والمطالعة والتثقيف الذاتي وحفظ القرآن وتفسيره، ويقضون الليل بالتهجد، فتتحول الغرف إلى مساجد وأماكن للعبادة وتنظيم الدورات ومكاناً للدراسة والتعلم. هذا إلى جانب العديد من البرامج الترفيهية والفعاليات الثقافية والمسابقات الوطنية والدينية والرياضية. ومن جانب آخر يتفنن الأسرى في صنع الأطعمة والحلويات الخاصة، مثل "الكنافة والقطايف" على طريقتهم الخاصة ووفقا للإمكانيات المتوفرة. واليوم ونحن نعيش أجواء رمضان وأيامه الفضيلة، نُبرق بأحر التهاني لكافة الأسرى والأسيرات وذويهم، وندعو جميع المسلمين في بقاع العالم، إلى تذكر أسرى فلسطين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في السحور وعلى موائد الإفطار وفي السجود، والدعاء لهم، بأن يفرج الله كربهم وأن يفك أسرهم و يكسر قيدهم، وأن يعيدهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين.
*عن المؤلف:
عبد الناصر فروانة: أسير محرَّر، ومختص بشؤون الأسرى والمحررين، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحرَّرين، وعضو لجنة إدارة هيئة الأسرى في قطاع غزة. ولديه موقع شخصي اسمه: فلسطين خلف القضبان.
نيسان شهر الأحزان
بقلم: الأسير - مراد ابو الرب
شهر نيسان مليء بالذكريات الحزينة ، وهنا في فلسطين يأتي نيسان وتأتي معه الذكريات التي لا تُنسى ، حفرت نفسها رغماً عنا ، فهذا الشهر يبدأ بذكرى الاجتياحات ، وبنصفه تأتي ذكرى أمير الشهداء ابو جهاد و الرنتيسي ، وبعده يوم الأسير الفلسطيني ، فبأي حالٍ عُدت علينا يا نيسان ؟!! أعدتَ لتزيد الأحزان ؟؟ ... في بداية النيسان وقبل واحد وعشرون عاماً كانت قوات الاحتلال الصهيوني تعيث في الأرض الفساد ، طائرات تقصف من الجو ، ودبابات تقصف من البر ، ومدرعاتٌ تنقل جنوداً تحت حجة محاربة الإرهاب ، قصفوا البيوت وهدموها فوق رؤوس ساكنيها ، وقتلوا الأطفال و الشيوخ ، و النساء و الرجال ، ومارسوا سياسة الأرض المحروقة ... في جنين ونابلس و بيت لحم وطولكرم وقلقيلية وطوباس ، في رام الله واريحا وغزة و الخليل ، في كل مكانٍ كان الدمار ، وفي كل بيتٍ حكاية ، والشهداء في كل مكان !!! في جنين مجزرة و في نابلس هدموا البلدة القديمة ، والشهداء بالعشرات ، وفي طولكرم عاثوا فساداً ، وفي بيت لحم حاصروا الكنيسة ، و في رام الله كان الختيار تحت الحصار ... واحدٌ وعشرون عاماً مرت على ذلك الدمار و غزة لا زالت تحت الحصار !! في كل يوم من كل عام تمتلئ المقابر بالزائرين الذين يأتون حاملين معهم الذكريات يجلسون بقرب أحِبائِهم ، يُحدثونهم وكأنهم معهم جالسين ... واحدٌ وعشرون عاماً مرت وما زالت أمهات الشهداء يمارسن طقوس الشوق والحنين ، و الأشبال كبروا و صاروا أسوداً يحمون هذا العرين !! ... واحدٌ و عشرون عاماً مرت والجاني لا زال يرتكب جرائمه ، والأرضُ خيراتها نُهبت ، و الاستيطان توغل في هذا الجسد گالسرطان ، وأشجار الزيتون لا زالت تُحرق و تقلع و تقطع ... والبيوت ما زالت تهدم ... الشهداء ما زالوا يعرجون إلى السماء أقماراً تضيء عتمة التائهين وتعيد البوصلة نحو القدس كلما انحرفت . واحدٌ وعشرون عاماً مرت على ارتكاب تلك المجازر التي أضيفت على ما سبقتها من مجازر منذ النكبة ونفس الجريمة تُرتكب والجاني هو نفسه لا محاكمة !! .. واحدٌ وعشرون عاماً ونحن ننتظر أن ينصفنا العالم ، لكن العالم أصم و أعمى !! لا يأبه لأي شيءٍ ، فأي عالمٍ هذا الذي ننظر فيه وننتظر منه شيئاً ، فبعد كل هذه العقود وهو ما زال يصنع السلاح الذي به نقتل ... يا نيسان تكفينا الأحزان .. فلا تأتي لنا محملاً بمزيدٍ من الاحزان !!
الاحتلال يؤجل محاكمة الأسير خضر عدنان
أجلت محكمة "سالم" الصهيونية، محاكمة الأسير المضرب عن الطعام خضر عدنان حتى تاريخ 29/05/2023م. وقالت مؤسسة "مهجة القدس"، "إن قرار المحكمة بمثابة إعدام بحق الأسير عدنان، غير آبهة بإضرابه عن الطعام الذي يخوضه لليوم 59 على التوالي، وفي ظل خطورة وضعه الصحي".وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أعادت اعتقال الأسير عدنان من منزله، في الخامس من شباط/ فبراير الجاري، وأعلن إضرابه عن الطعام منذ لحظة اعتقاله الأولى، وقد رافق عملية اعتقاله، عمليات تفتيش، وتخريب طالت المنزل، وتهديدات لعائلته.
وقفة تضامنية مع الأسرى في طولكرم
نظمت وقفة في طولكرم، اليوم الثلاثاء، أمام مكتب الصليب الأحمر، وذلك للتضامن ودعم الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وشارك في الوقفة عدد من ذوي الأسرى، ونشطاء، وممثلو فصائل العمل الوطني، مؤكدين على ضرورة تكثيف الفعاليات التضامنية الرسمية والشعبية مع الأسرى، خاصة في هذا الوقت الذي يتعرضون فيه لهجمة شرسة على يد إدارة سجون الاحتلال، من عزل وتنقلات وإهمال طبي، وتزايد الحالات المرضية وتفاقمها في ما يسمى "مستشفى سجن الرملة".وشددوا على ضرورة وضع قضية الأسرى على سلم الأولويات في المحافل الدولية والمحلية كافة، لتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، ومؤسساته الحقوقية والإنسانية بالتحرك تجاه دعم قضيتهم، وفضح انتهاكات الاحتلال بحقهم، والضغط نحو الإفراج عنهم وفي مقدمتهم الأسيرات والمرضى الذين هم بأمس الحاجة إلى العلاج، في ظل تزايد أعداد الإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة.
عائلة الشهيد يوسف صبح تفقد أجواء رمضان في ظل غيابه واحتجاز جثمانه
تقرير: علي سمودي- جنين- القدس
للعام الثاني على التوالي، تغيب أجواء الاستعداد والتحضيرات والفرح في شهر رمضان المبارك، عن منزل عائلة صبح عامة والوالدة رجاء عرفات صبح خاصة، في غياب نجلها الشهيد يوسف صبح (17 عاماً)، واحتجاز الاحتلال لجثمانه، وتقول: "شهر رمضان مناسبة دينية ومفروضة علينا ونؤدي شعائرها الدينية، لكنها اليوم مختلفة في حياتنا فلا يوجد فرح وروح نهائياً، فرمضان الحالي أصعب، ولم يكن هناك أي أجواء رمضانية للبهجة أو الزينة في ظل استشهاد يوسف واحتجاز جثمانه، فهو شهيد وأسير في نفس الوقت".وتضيف: "قبل إعدامه كنا نحتفل ونجهز ويساعدنا في تحضير الزينة والإضاءات، ويبتهج ويفرح مثلنا، ويشاركنا اجتماع الشمل على موائد السحور والإفطار، ويحرص دوماً على الجلوس بجانبي، ثم ينضم للأصدقاء ويتسامر معهم".وتكمل: "ما زلت أتذكر حرصه على تلبية طلباتي، وسؤاله الدائم عن احتياجاتي ليحضرها، فهو متميز بالمحبة والوفاء وبر وطاعة الوالدين، وبوجوده كان بمنزلنا صوت وفرحة وحياة، ولحب الجميع له، كان اسمه يتردد على السنة الجميع في المنزل والحي ووسط الأصدقاء الذين اعتبرهم إخوانه".ومنذ اليوم الأول لشهر رمضان، سارعت الوالدة الصابرة، لتجهيز صورة كبيرة ليوسف، ونصبتها على الجدار وسط منزلها وبشكل مباشر، أمام سفر الإفطار، ليكون كما تقول: "حاضراً دائماً معنا وأمامنا، ليشد أزرنا ويخفف ألمنا، مع رفض الاحتلال تسليم جثمانه لنا، وأقضي ليالي الشهر الفضيل، في الصلاة والدعاء لرب العالمين، ليرد لنا جثمانه وبحريته من مقابر الأرقام، فقد اشتقت لضمه لصدري ووداعه وتشييع في مراسم وطنية كباقي الشهداء الأبرار".وتضيف: "يزداد حزني كلما تكررت تساؤلات ابنتي الصغرى ياقوت عن شقيقها، ولماذا يحتجز في ثلاجات الاحتلال ولا يوجد له قبر كباقي الشهداء؟، ويعجز لساني عن الإجابة عن أسئلتها لأن إجابتها أصعب".استعادت ذاكرة الوالدة رجاء، تفاصيل الساعات الأخيرة قبل ارتقاء يوسف صبيحة 26-9-2021، وقالت: "حضر للمنزل وتناول العشاء، ودخل لغرفته، وجلست كأنني أحرسه، أهلل وأسبح حتى سمع صوت انفجارات وإطلاق رصاص بعدما اقتحمت قوات الاحتلال برقين، فذهبت إليه واطمأنيت أنه لم يغادر".وتضيف: "جلست ووالده نتابعه حتى لا يخرج، ولكن فجأة اختفى، لا أعلم كيف خرج من المنزل بلمح البصر، حاول والده إعادته لكنه توجه للمواجهات التي كانت شرسة ومختلفة عن الأيام السابقة، وبقيت أترقب الأخبار، وأتضرع لرب العالمين ليحميه وكل الأبطال أمثاله".في حوالي الساعة الرابعة فجر، كان الاتصال الأخير بين يوسف ووالده، الذي طلب منه العودة وحماية نفسه، في ظل انتشار الاحتلال بشكل كبير في البلدة بينما كانت والدته تتواصل مع رفاقه، وتحثهم على العناية به، في ظل توترها كلما سمعت صوت رصاص وأخبار عن إصابات، لكنها لم تعلم إلا بزوغ الشمس باستشهاده. يروي الشهود، أن يوسف تقدم الصفوف في المواجهات مع الاحتلال، بجرأة وشجاعة وعندما أصيب أحد رفاقه المقاومين برصاص الاحتلال بقدمه، وسقط أرضاً مضرجاً بالدماء، استل يوسف بندقيته، وأكمل المشوار، وهاجم الجنود من نقطة صفر، فأطلقوا النار عليه، ورغم الإصابة بقدميه، تحدى الجنود وواصل إطلاق الرصاص حتى أصابوه بعدة رصاصات في كافة أنحاء جسده، فسقط شهيداً ثم قاموا باحتجاز جثمانه ونقله معهم. بعد استهداف يوسف، تضاربت الأنباء حول مصيره، لأن الاحتلال نقله معه خلال انسحابه، وتقول والدته: "عشنا كوابيس رعب لأن الاحتلال تكتم على مصيره، وبعد العصر اعترف بتصفيته وإعدامه، فشعرت بوجع وألم كبير، لكن إكراماً لروحه وأمنيته، قلت "مبروك الشهادة عليه، الي طلبوا نالوا، وبعدها لم أعرف ما حصل معي من هول الصدمة ".وتضيف: "احتجاز جثمانه أكبر وجع، فمن حقنا أن نستقبله وندفنه، واحتجازه جريمة، فأبطالنا ليسوا مجمدات لوضعهم في ثلاجاتهم، هذا جزء من العقاب والانتقام، نريد أن يرتاح جسده في قبره، وترتاح قلوبنا الموجوعة، وسنبقى ننتظر ونقاوم حتى زفافه في عرس وطني واحتضنه وأودعه".
خلال لقاء صحفي عقد اليوم بدعوة من مؤسسات الأسرى
عائلات أسرى مرضى بالسّرطان يطالبون بالتدخل العاجل من أجل حرية أبنائهم
البيرة: عُقد اليوم في مقر هيئة الأسرى في مدينة البيرة، لقاء صحفيّ، بدعوة من مؤسسات الأسرى، والقوى والوطنية والإسلامية، وبمشاركة وزيرة الصحة مي الكيلة، ومجموعة من عائلات الأسرى المرضى، منهم عائلة القائد وليد دقة، وعائلة الأسير عاصف الرفاعي، والمعتقل الإداري عبد الباسط معطان، الذين يواجهون الإصابة بالسرطان، إضافة إلى عائلة المعتقل الإداري خالد النوابيت الذي يعاني من مشاكل مزمنة في القلب. وطالب المشاركون بضرورة التدخل من أجل حرّيّة الأسرى المرضى، وإبقاء قضيتهم حاضرة، بالتضامن وبذل الجهد الحقيقيّ، وعلى عدة مستويات، بحيث تفضي هذه الجهود إلى حريتهم، وإنقاذهم. كما وطالبت الوزيرة الكيلة، بالسماح للأطباء الفلسطينيين بالكشف الطبي على الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على توفير الأدوية اللازمة لهم وعلاجهم، والعمل على الإفراج الفوري عن الأسرى المرضى للسماح لهم بتلقي العلاج المناسب في مستشفيات متخصصة، محملة سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم، كما حملت إدارة سجون الاحتلال المسؤولية عن استمرار مسلسل الإهمال الطبي بحق الأسرى.
وقالت سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقّة المصاب بالسرّطان:
• -بالنسبة لحالة وليد ما يزال يقبع في مستشفى (برزيلاي) بمدينة عسقلان في وضع صحي خطير جدا، ويعاني من مرض (التليف النقوي) وهو مرض سرطان نادر أصيب به منذ سنوات، وفي السّجن لم يخضع للمتابعة الطبية، ولم يكن ينقل إلى المستشفى في الوقت المناسب، أو بحسب الحاجة لنقله، ومتابعة حالته الصحية، لذلك فقد تدهورت حالته الصحية مؤخرًا.
• -فالمرض الأساس الذي يعاني منه هو مرض (التليف النقوي)، وأي مرض مستجد يصيب وليد حتى لو انفلونزا بسيطة، أو رشح، أو جرثومة، تُدخله في ذات الخطر الشديد.
• -فنحن نحتاج إلى أن تمر الأيام القادمة بسلام وأن يصل إلى حالة استقرار معين كي نستطيع أن نبني على حالة الاستقرار هذه، هكذا يقول الأطباء، كي نتفائل أن يخرج من الأزمة الصحية، التي ألمت به.
• -وليد لم يكن يصل إلى هذه الحالة لو تم نقله إلى المستشفى بالوقت المناسب، حيث كان هناك تأخير في نقله، وبالصدفة كان لدينا زيارة له في حينه، وكان يوم اثنين في سجن عسقلان، وجاء إلى الزيارة بحالة صحية يرثى لها، ونحن كعائلة رفضنا أن نكمل الزيارة وطلبنا من السّجان أن يعيد وليد إلى الغرفة، وكذلك أن يتم نقله إلى المستشفى وكان ذلك كما ذكرت يوم الاثنين، إلا أنه نقل يوم الخميس ليلا، ووصل إلى المستشفى وهو يعاني من حالة هبوط عام في كل مؤشرات جسده الحيوية، ولولا ضغطنا الكبير وحديثنا مع الأسرى، ومع ممثلي الأسرى في كل السّجون، حول ضرورة نقله إلى المستشفى لوصل في حالة لم يكن ممكن فيها مساعدته.
وأضافت زوجته في ضوء مطالبتها بالإفراج عنه:
• نحن ندعو ألا تتواجد فقط الحملات الشعبية المناصرة للأسرى و لذويهم، فعندما يصل الأسرى إلى هذا الحد، وإلى هذا المستوى من الخطر الشديد المفروض أن يتم العمل بموضوع الأسرى، والحديث عن موضوع الإهمال الطبي، والأهم الحديث عن أفق لتحريرهم.
• بعد 37 عامًا، وليد كان يجب أن يكون في بيته، وعند عائلته لولا إمعان في القمع والتنكيل، والآن هو يقضي عامين إضافيين، اللذين أصبحا عامين مصيريين جدًا بالنسبة له.
• أدعو أبناء شعبنا وأقول لهم لا يكفي التضامن مع أسرانا وإنما يجب أن تتضافر الجهود، فبالإضافة إلى المؤسسات الحقوقية، هناك المستوى السياسي، فلا يعقل أيضا أن المستوى السياسي لا يبذل الجهد اللازم، فعلى الأقل إبقاء موضوع الأسرى على الأجندة وفي الإعلام، ربما ليس لضمان تحريرهم، ولكن على الأقل من أجل أن يتلقوا العلاج المناسب.
- وفي كلمة لعبد المعطي الرفاعي، والد الأسير المريض بالسرطان عاصف الرفاعي، الذي يواجه وضعًا صحيًا بالغ الخطورة، وتعتبر حالته من أصعب الحالات في سجون الاحتلال، أكّد:
• على أنّ الخلايا السرطانية انتشرت في أنحاء جسد نجله، ووصلت بالإضافة للقولون، إلى أجزاء جديدة من الأمعاء، والغدد، والكبد، وأنّ حالته الصحيّة تتفاقم بشكلٍ متسارع، وهو بحاجة إلى علاج كيميائي بشكل عاجل.
• وأنّ وضعه أصعب وأسوأ مما نتخيل، ففي كل زيارة، أو جلسة محاكمة، يكون أسوأ من المرة التي سبقتها، ففي جلسة المحاكمة الفائتة قرر القاضي أن تكون هذه الجلسة الأخيرة وجاهيا له، وهذا ما يدلل على الخطورة الكبيرة التي وصل إليها".
• وأنّ عاصف صاحب بنية جبارة، ولا يستسلم بسهولة، رغم أنه يعاني من أوجاع شديدة في جسده، فيما تكتفي إدارة المعتقل بتزويده بالمسكنات.
فيما قالت زبيدة معطان، إن زوجها الأسير عبد الباسط معطان، يواجه تدهورا مستمرا بوضعه الصحيّ، حيث أنه لم يتلقَ أي علاج منذ اعتقاله في شهر تموز 2022.
• وأضافت أن زوجها كان قبل اعتقاله يتلقى أدوية ومكملات غذائية، وحين اعتقاله أخذها معه، إلا أن إدارة سجون الاحتلال صادرتها، ومنعته من تناولها، وهي تتكتم على ملفه الطبي وترفض رفعه للمحاكم، بغية استمرار تمديد اعتقاله الإداري.
• أصبح يعاني مؤخرا من التهاب العصب الوركي، وهبوط مستمر في الوزن، ووهن عام في الجسد، لافتة إلى أنه منذ اعتقاله نُقل للمستشفى مرتين لإجراء صورة طبقية ومنظار، وبعد شهر من إجراء الصورة، أكّد له الطبيب، وهو طبيب عام وغير متخصص، أن لديه كتلة على الرئة، ولم تحدد طبيعتها.
-أما أحلام النوابيت، زوجة الأسير المريض خالد نوابيت المعتقل إدارياً منذ شهر تشرين ثاني الماضي، قالت:
• إنّ زوجها الذي يقبع في سجن عوفر، بحاجة إلى عملية قلب مفتوح بشكل عاجل، حيث يعاني من ضعف في صمام القلب،
وكان من المقرر أن تجرى له العملية قبل اعتقاله.
بيان صادر عن لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"
بيان صادر عن لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة بخصوص محاولة الاغتيال المعنوي المشبوهة لعضو اللجنة الأسير المناضل/ عمار مرضي
في إطار حرب عدونا المستمرة على كل ما هو وطني بأذرعه المختلفة وبأدواته المشبوهة؛ يحاول العدو أن يضرب كل حالة وحدة وطنية مناضلة ومكافحة في وجه عدوانه في ساحات المواجهة المختلفة، والتي كان آخرها محاولة المس والتشويه بصورة الأسير المناضل الأخ/ عمار مرضي ممثل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة، والذي يشهد له كل من عايشه وعمل معه بالتفاني في خدمة إخوانه والعمل لصالحهم بكل جهدٍ مستطاع، والثبات في مواجهة المحتل.
وفي هذا المقام؛ نود أن نؤكد على ما يلي:
أولًا: لا نستغرب ولا نتفاجأ من هذا الأسلوب الرخيص "الاغتيال المعنوي" الذي يستخدمه الاحتلال عبر أدواته المشبوهة، وذلك لمحاولة كسر المناضلين الشرفاء بطريقة جبانة بعد أن يفشل في كسرهم في ساحات المواجهة الحقيقية على الأرض، ونرى أن من يقف خلف هذا البيان المشبوه هو أعداء الوحدة الوطنية وأيادٍ مشبوهة لا تبحث إلا عن زرع الفتنة وخدمة الاحتلال.
ثانيًا: إن هذه المحاولات الرخيصة للاغتيال المعنوي للمناضلين الشرفاء لم تعد تنطلي على أبناء شعبنا، بل أصبحت ترفع مقامهم وتُعلي من شأنهم في عيون الناس.
ثالثًا: إن القرارات التي يتم اتخاذها في مواجهة إدارة سجون الاحتلال داخل لجنة الطوارئ هي قرارات جماعية وليست فردية، ويتم اتخاذها بعد مشاورات معمقة داخل اللجنة، وبالتالي فإن هذا البيان يحمل إساءة لكل الأسرى وليس للأخ عمار مرضي فقط، فهو عضو في لجنة الطوارئ الوطنية العليا، وهي اللجنة التي استطاعت أن تصد العديد من الهجمات من قبل إدارة السجون خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وأصبحت إدارة السجون ترتعب من مجرد التفكير في مواجهة الأسرى تحت قيادة هذه اللجنة المباركة، وهذا ما جعل الأسرى يُنصَرون بالرعب في كل معاركهم في الفترة الأخيرة، وتنتهي المعركة بنصرٍ مؤزر قبل أن تبدأ.
ختامًا: إن هذه المحاولة الفاشلة لشق عصا وحدتنا لن تثنينا كلجنة وطنية جامعة عن الاستمرار في مواجهة إدارة السجون، ولن تؤثر على مسيرة بدأت منذ ثلاثة سنوات لتعزيز العمل الوطني ومقاومة كل محاولة من إدارة السجون لكسر إرادة أسرانا.
الرحمة للشهداء، والحرية للأسرى، والشفاء للجرحى
والخزي والعار لكل خائنٍ ومعتدي
لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة
الثلاثاء 13 رمضان 1444هـ
الموافق لـ 4 أبريل 2023م