15
0
العلم الزائف والذكاء الاصطناعي محور مناقشة الباحثين في جامعة علوم الصحة بالعاصمة

نظمت اليوم بقاعة المحاضرات في جامعة علوم الصحة للمجاهد يوسف الخطيب بالعاصمة ، محاضرتان، حيث تناولت الأولى موضوع "العلم الزائف وتأثيره التعليمي والثقافي "القاها عالم الفيزياء الفلكي، البروفيسور نضال قسوم، في حين قدم الخبير في أنظمة المعلومات والتحول الرقمي ،هشام مطروح محاضرته تحت عنوان "كيف يخدم الذكاء الاصطناعي البحث العلمي؟".
نسرين بوزيان
في بداية مداخلته، أوضح البروفيسور قسوم أن مفهوم العلم الزائف يشير إلى مجموعة من الأفكار والفرضيات التي تُعرض بلغة تحاكي اللغة العلمية من حيث المصطلحات والمنهجية الظاهرية، لكنها تفتقر إلى المعايير العلمية الأساسية التي يقوم عليها العلم الحقيقي.
وأشار إلى أن هذا النوع من العلم يشمل مفاهيم وممارسات مثل التنجيم والطب التجانسي والحجامة، التي رغم انتشارها بين الناس إلا أنها تفتقر إلى دليل علمي قوي يدعمها.
ولفت إلى أن مشكلة العلم الزائف ليست محصورة فقط في تعقيد المفاهيم، بل تكمن أيضًا في سهولة تسللها إلى مجالات التعليم والتربية، مما يجعل العديد من غير المتخصصين عرضة لتصديق هذه البدائل التي لا تستند إلى منهج علمي صارم. وذكر أمثلة على ذلك مثل البرامج التي تروّج لفكرة "دمج نصفي الدماغ"عبر تمارين حركية، والتي يُفترض أن تعزز التعلم، رغم عدم وجود أدلة علمية تُثبت فعاليتها.
كما نبه قسوم إلى انتشار مصطلحات غامضة كـ”الطاقة”، و"ذاكرة الماء"، والتي تُستخدم في بعض المدارس والبرامج التعليمية البديلة، و تزعم تحسين التركيز والصحة العامة من خلال شرب أنواع معينة من الماء، مستندة إلى مفاهيم تم دحضها علمياً.
كما أشار إلى أن هذه الظاهرة تتفاقم بسبب دور بعض وسائل الإعلام التي تروج بشدة لهذه المفاهيم، بما في ذلك التنجيم، الحجامة، والطب التجانسي، بالإضافة إلى نشر معلومات غير دقيقة، ما يزيد من حالة الضبابية العلمية لدى الجمهور.
واختتم قسوم حديثه بالتأكيد على أهمية تعزيز الثقافة العلمية وضرورة تدقيق المصادر، ومراجعة تاريخ النشر، والاعتماد على مراجع علمية موثوقة ومحققة، مع تجنب الانجراف وراء العناوين المثيرة والعروض الجذابة التي قد تخدع القارئ.
أما في المحاضرة الثانية، فقد سلط الخبير هشام مطروح الضوء على التطورات المذهلة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال الطب ، وبيّن أن الاعتماد على هذه التقنيات بات يمثل نقلة نوعية في التشخيص والعلاج، حيث يمكن لهذه التقنيات معالجة كميات ضخمة من البيانات بدقة وسرعة تفوق قدرة البشر.
وعلى الرغم من ذلك، أشار مطروح إلى المخاوف التي يعاني منها بعض الأطباء حيال مدى مصداقية ودقة التحليلات الناتجة عن هذه الأنظمة، وكذلك القلق من أن تحل هذه التقنيات مكان الأطباء في بعض المهام.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على أسلوب التعلم الذاتي الذي يمكنه من تطوير قدراته وتحسين نتائج التحليلات بشكل مستمر. وذكر مثالاً بارزًا هو "المستشفى الطبي الافتراضي"الذي أنشأته جامعة تشينغهوا في الصين، حيث يقوم بمحاكاة دور الرعاية الصحية كاملة بدءاً من تسجيل الأعراض والفحوصات، وصولاً إلى التشخيص والعلاج والمتابعة، ويستطيع معالجة آلاف الحالات خلال أيام معدودة، مقارنة بالسنوات التي يحتاجها الأطباء لاكتساب الخبرة.
كما تناول مطروح قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل التسلسلات الجينية الهائلة بهدف اكتشاف علاقات جديدة بين الجينات والأمراض، مما يساهم في تطوير علاجات جينية مخصصة تتناسب مع كل مريض على حدة.
وحول آفاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي بالجزائر، أشار مطروح إلى الجهود الوطنية المبذولة لتطوير هذا المجال، من خلال وضع استراتيجية وطنية تضع الصحة ضمن أولويات تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتطوير البنية التحتية عبر إنشاء مراكز متخصصة مثل مركز البيانات في ولاية وهران، بالإضافة إلى تأسيس المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي.
وأكد على ضرورة بناء فرق بحث متعددة التخصصات، ووضع آليات تمويل فعالة، إلى جانب التعاون مع مراكز البحث الدولية، فضلاً عن أهمية فتح النماذج والبيانات أمام الباحثين للمساهمة في إثرائها.
كما شدد على ضرورة دعم روح المقاولة بين الباحثين الشباب.
وفي تصريح خاص لبركة نيوز، دعا البروفيسور نضال قسوم المواطنين إلى الحذر عند اقتناء المنتجات التي تُروّج لها إعلامياً على أنها طبيعية، مشدداً على ضرورة الرجوع إلى المصادر العلمية الموثوقة، سواء من خلال الأخصائيين المختصين أو المراجع العلمية المحكمة والموسوعات المعتمدة.
وحث على عدم التسرع في تبني أي منتج لمجرد شهرته أو ارتدائه لباساً دينياً، مؤكداً أن المعيار الحقيقي هو التحقق من المعلومات والمصادر الموثوقة والمعتمدة.
وفيما يتعلق بمخاوف بعض الباحثين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إعداد أبحاثهم، أوضح الخبير هشام مطروح أن هذه التقنيات تشكل فرصة هامة للباحثين للاستعانة به عند القيام بالتجارب و الأبحاث في وقت وجيز ، مشيرا إلى أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في توليد النصوص وتحسينها بشكل كامل أمرا غير مقبول علميا.