1155
0
عيد العمال في الجزائر... سنوات متتابعة من الانجازات وأفق للمزيد
.jpg)
لطالما كان ولا يزال للعمال الجزائريين دور بالغ الأهمية في تجسيد مخططات التنمية، ولا غرابة ان يتموقعوا دوما في الطليعة خدمة للاقتصاد ودفاعا عن الوطن.
بثينة ناصري
لذلك تحرص الدولة الجزائرية في كل محطة على ادراج العمال في منظومة تشريعات واعتماد تحفيزات لمختلف الفئات العمالية حماية لمركزهم الاقتصادي والاجتماعي من جانب، وبهدف اعطائهم دفعة قوية لتشجيعهم على تقديم المزيد من الجهود لتطور الاقتصاد والنهوض به.
وبالمقابل قد يترتب عن عدم توفير بيئة مناسبة للشغل تداعيات سلبية تؤثر على سيرورة العمل والتطور، فما كان للحكومة الجزائرية إلا أن تُفعل الرقابة على مختلف المؤسسات لضمان الحقوق المشروعة للعامل، ويتضمن الدستور الجزائري عددا من المواد التي تحدد الحقوق والواجبات التي تفرض على العامل والمؤسسة.
وفي هذا الصدد كان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون منذ توليه العهدة الأولى وبداية العهدة الثانية قد شدد على تنفيذ عدد من الاجراءات التي تخدم العامل والبطال وأكد على ضرورة حفظ وصون كرامة العامل المواطن، كما يمنح القانون الجزائري الحق للمتقاعدين في الاستفادة من زيادة كل سنة تزامنا والفاتح من شهر ماي، اليوم العالمي للشغل، حماية لكرامتهم وصونا للقدرة الشرائية بالنظر إلى الجهود المبذولة.
والى جانب تحسين وضع المتقاعدين، ووفاء لالتزام الدولة أمام العمال وحفاظا على مكتسباتهم المهنية والاجتماعية تم إلغاء الضريبة على الدخل لفائدة ذوي الدخل المحدود ومراجعة النقطة الاستدلالية واستحداث منحة البطالة، وتحسين الأجور، وكذا رفع العراقيل عن المشاريع الاستثمارية، و تعديل قانون الاستثمار، وإصدار قانون المقاول الذاتي، ويستمر الآن العمل على توسيع مجالات استيعاب البطالين.
انتقادات تمس قطاع العمل.. والرئيس يرد منتقداً
وردا على مجمل انتقادات مست عالم الشغل في بلادنا، انتقد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في لقاءٍ له بمناسبة عيد العمال السنة الفارطة "خطابات البهتان التي كانت تدعي عجز الخزينة عن دفع أجور العمال ووصول احتياطي الصرف إلى أدنى مستوياته والفساد الذي نخر كل القطاعات خلال عشرية حكم العصابة التي تم فيها التخلي كلية عن الطبقة العاملة والوسطى والطبقة الهشة".
وبالمقابل قامت الحكومة الجزائرية باستحداث الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي مطلع السنة الفارطة والتي تحرص على توفير بيئة تمكن أصحاب العمل الحر من مزاولة نشاطهم بشكل قانوني، والاستفادة من الامتيازات الضريبية وكذا الحصول على التغطية الاجتماعية.
وفي سياق ذي صلة، تم إصدار العديد من النصوص التنظيمية والتطبيقية التي سمحت بتحقيق ارتفاع ملحوظ في عدد المؤسسات الناشئة من خلال تذليل العراقيل ورفع القيود البيروقراطية التي كانت تعيق المستثمرين، وهو ما جاء به قانون الاستثمار الجديد الذي سمح بالرفع من عدد المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
وللإشارة، يخصص الاحتفال بعيد العمال العالمي في كل سنة لاستذكار مختلف المشاريع الاجتماعية والاقتصادية التي انجزها العمال مساهمين بذلك في ازدهار المجتمع وتعزيز قوة الدولة الجزائرية، في حين تقوم مختلف الهيئات والمؤسسات بتنظيم ندوات معرفية وأخرى توعوية لمناقشة مختلف النقائص والتحديات التي تواجه العمال، في محاولات لحلها واعطائها دفعة تنموية.
قوانين واضحة لتوفير جو ملائم للعمل
وتعمل الجزائر من خلال سن قوانين لحماية الحقوق العمّالية وسلامتهم باعتبار صحة العاملين البدنية والنفسية تحتل مكانة هامّة ضمن القانون الاجتماعي في الجزائر لأنّها من بين حقوق الإنسان، وبهذا الخصوص يؤكد المحامي والناشط الحقوقي حسان براهيمي، أن الدولة الجزائرية صادقت على كل أحكام اتفاقية منظمة العمل الدولية كما تسمح لمنظمة العمل الدولية بمراقبة مدى الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات.
ويوضح براهيمي أن هذه المراقبة تكون عن طريق اصدار تقارير سنوية تبين مدى احترام الدولة الجزائرية للحالة الاجتماعية والمهنية للعامل من حيث تأمين الحياة الصحية، تأمين توفير الأمن داخل أماكن العمل، ضبط السن القانوني لبدء العمل أو نهايته بالتقاعد، ضبط القضاء على الساعات الاضافية غير مدفوعة الثمن، ضبط منح الأكل والتنقل، ضمان حق العامل في عدم التحويل من مكان إلى مكان إلا وفقا للقانون والنظام الداخلي لأي مؤسسة إذا كان موجودا.
ويرى محدثنا أن كل هذه الأحكام أعطتها الجزائر أهمية بالغة بسن ترسانة قوية من القوانين أهمها القانون المنظم لعلاقات العمل صدر عام 1990 والمعدل المتمم تحت رقم 90-11، مشيرا إلى أن القوانين الجزائرية في سبيل تحقيق كل هذه الحقوق وضمان تجسيدها على أرض الواقع تعطي صلاحيات كبيرة لمفتشيات العمل الجهوية المتواجدة على مستوى كل الولايات التي تعطيها صلاحية التدخل لدى صاحب العمل وتفرض عليه تأمين حقوق العامل وفرض المصالحة بين العامل وصاحب العمل عند أي نزاع.
ويتابع حديثه "وفي حال فشل هذه المصالحة يلجأ العامل مباشرة في ظرف ستة أشهر إلى العدالة التي ستنصفه بالتأكيد لأن القضاء الجزائري معروف عنه أنه قضاء اجتماعي بالضرورة."
ويذكر الاستاذ براهيمي بأهم العقوبات المفروض على المؤسسة في حالة عدم منح العامل حقه خاصة فيما يتعلق بالأجرة والتأمين والعديد من التصرفات التعسفية، من خلال فرض غرامات تتجاوز ستة أشهر من الراتب لهذا العامل، إضافة إلى التعويض عن كافة الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بالعامل، وكذا مبالغ الأجرة بحد ذاتها مع امكانية المتابعة الجزائية في حالة عدم تأمين العامل على مستوى مصالح الضمان الاجتماعي، باعتبارها جنحة يعاقب عليها قانون العقوبات بغرامة مالية مع امكانية الحبس موقوف التنفيذ.
تعزيز الحوار الاجتماعي لضمان حقوق العمال
ومن جهة أخرى، جدد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في مجمل خرجاته على أهمية اعتماد آلية الحوار الاجتماعي كأداة حضارية يرتكِز عليها عالم الشغل، ومن هذا المنطلق تشيد عضو المجلس الشعبي الوطني طالبي خولة، بأهمية الحوار الاجتماعي والاقتصادي كفضاء مفضل للحوارر بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لمعالجة المسائل الاجتماعية والاقتصادية والملفات الاستراتيجية الكبرى للبلاد، مؤكدةً أن المشرع الجزائري أولى أهمية كبيرة لهذا الفعل الحضاري في الدستور أو القوانين منذ سنة 1990 إلى يومنا هذا، من خلال الآليات المتعددة للحوار التفاوضية الثلاثية او الهيئات الاستشارية (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)، أو المؤسسات عن طريق الاتفاقيات الجماعية.
وتردف طالبي إلى أن ذلك يتبين في حرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في بيان لاجتماع مجلس الوزراء على تعزيز دور النقابات من خلال إعادة تنظيم العمل النقابي الذي يعتبر أحد ركائز منظومة العمل في بلادنا.
وتوضح محدثتنا أن لقاء الرئيس عبد المجيد تبون الشهر الفارط مع رؤساء المؤسسات لمناقشة مختلف الملفات والتحولات الاقتصادية، دليل على أن السلطات العمومية تسعى دائما إلى ارساء الحوار والنقاش مع الجميع للرقي إلى مصاف الدول المتقدمة وجعل الجزائر ضمن مربع الدول الناشئة والقوية اقتصاديا.
وتنوه عضو المجلس الشعبي الوطني إلى أن الجزائر قطعت أشواطا في إرساء هذه الثقافة، حيث تعتبر من بين التجارب الرائدة التي يتم تقديمها في المحافل الإقليمية والدولية كنموذج حي، مبرزة أن الجزائر تصنف من بين أحسن السياسات الاجتماعية في إفريقيا، في حين تحتاج إلى المزيد من الجهود والعمل والانخراط الجماعي في تكريس هذا المسعى.
حضور نسوي مميز في عالم الأعمال
وفي إطار تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً باعتبارها أحد المحاور الرئيسة لمساعي الحكومة الجزائرية لتعزيز التنمية الوطنية، عملت الحكومة على تشجيع المرأة الماكثة في البيت والمرأة الريفية على الانخراط في مسارات الإنتاج الوطني، من خلال الاستفادة من الآليات التي توفرها الدولة لدعم المؤسسات المصغرة والمقاولاتية النسوية.
وقد عززت هذه الأخيرة مكانة المرأة في الجزائر لا سيما في المجال الاقتصادي أين سجلت تطورا معتبرا خلال السنوات الأخيرة سمحت تدريجيا برفع العراقيل الاجتماعية والثقافية وتبديد الصورة النمطية التي تعيق ولوج النساء الى عالم المقاولاتية.
ومع كل هذا يرتقب أن يشهد قطاع العمل اجراءات جديدة تساعد على تطوره وتحسن من جودة ادائه خلال هذه السنة خاصة مع صدور قانون المالية 2025.