355
0
عفان سفيان لـ"بركة نيوز" الحملة الوطنية لغرس مليون شجرة نجحت في ترسيخ الحس البيئي لدى جميع فئات المجتمع

نسرين بوزيان
شهدت مختلف ربوع الوطن، اليوم السبت، مشاركة واسعة من المواطنين بمختلف فئاتهم في الحملة الوطنية لغرس مليون شجرة، التي أطلقتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري بالتعاون مع جمعية "الجزائر الخضراء"، وسط تجند غير مسبوق لإنجاح هذه المبادرة البيئية.
حركية بيئية واسعة

وفي حديثه لـ " بركة نيوز"، سلط رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، عفان سفيان، الضوء على الحركية البيئية الواسعة التي شهدتها الجزائر اليوم في إطار الحملة الوطنية لغرس مليون شجرة خلال 24 ساعة، بمناسبة اليوم الوطني للشجرة المصادف لـ 25 أكتوبر، استجابة لنداء وزير الفلاحة والتنمية الريفية.
وأضاف عفان أن المشاركة كانت جد واسعة عبر مختلف ولايات الوطن، بمساهمة فعالة من السلطات العمومية ومكونات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن هذا التلاحم يعكس الوعي البيئي المتنامي لدى المواطنين.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تمثل خطوة مهمة لإعادة بعث الغطاء النباتي ومواجهة آثار التغيرات المناخية، مبرزا أهمية إعادة إحياء مشروع السد الأخضر ومشاركة فئة الشباب في غرس الأشجار، لما لذلك من أثر في تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتلطيف المناخ.
ترسيخ الثقافة البيئية في مختلف الأوساط

وأكد عفان أن الحملة لا تقتصر على التشجير فقط، بل تهدف أيضا إلى ترسيخ الثقافة البيئية في مختلف الأوساط، من المدارس والجامعات ومراكز التكوين المهني إلى الأحياء السكنية، بما يسهم في ترقية الحس البيئي لدى كافة فئات المجتمع.
وأضاف أن الحملة تساهم في استعادة التوازن البيئي ومكافحة التصحر من خلال إعادة تشجير المساحات المتدهورة وإحياء الأراضي التي تعرضت للتصحر نتيجة الجفاف والقطع العشوائي للأشجار، موضحا أن الأشجار المزروعة تساعد في تثبيت التربة ومنع انجرافها وزيادة الرطوبة المحلية، ما يعزز قدرة المناطق المتضررة على مقاومة التصحر.
دراسة نوعية الأشجار المزروعة

وأشار عفان إلى أن غرس مليون شجرة سيساهم في تحسين جودة الهواء، إذ تعمل الأشجار على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين وتقليل الغبار والجسيمات الملوثة، ما يخفف من آثار التلوث على صحة المواطنين.
مؤكدا أنه تم دراسة نوعية الأشجار المزروعة بعناية لضمان توافقها مع المناخ المحلي والغطاء النباتي الطبيعي وقدرتها على امتصاص الغازات الملوثة، مع تجنب الأنواع الغريبة التي قد تؤثر سلبا على النظام البيئي المحلي، لضمان تعزيز التنوع البيولوجي في كل منطقة.
وأوضح عفان أن الأشجار المزروعة تساعد على تخفيف درجات الحرارة المحيطة من خلال الظل وتقليل حرارة السطح، كما تعمل جذورها على تحسين بنية التربة وزيادة محتواها المائي، مما يؤدي إلى استعادة خصوبتها تدريجيا.
وأضاف أن الغطاء النباتي الجديد سيخلق موائل طبيعية للطيور والحشرات والحيوانات الصغيرة، ما يعزز التنوع البيولوجي المحلي ويعيد توازن السلسلة الغذائية ويحسن صحة النظام البيئي.
الحفاظ على التوازن الإيكولوجي
وحول الخطوات لضمان عدم الإخلال بالتوازن الإيكولوجي أثناء الغرس المكثف، أوضح محدثنا أن ذلك يشمل اختيار الأنواع المحلية الملائمة لكل منطقة، ومراقبة كثافة الغرس لتجنب الاكتظاظ النباتي، مع متابعة التطور الطبيعي للنباتات والحيوانات المحيطة قبل وأثناء عمليات الغرس.
وفيما يخص تأثير الغطاء النباتي الجديد على دورة المياه الجوفية، أشار إلى التعاون مع خبراء ومراكز بحثية لدراسة هذا التأثير، إذ تعمل الأشجار على تحسين قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه وتقليل تبخرها، بما يدعم الاستدامة المائية للمناطق المزروعة.
الأثر البيئي لغرس مليون شجرة
وأكد أن الأنواع المختارة قادرة على التحمل في الظروف الجافة، لضمان استمرارها نموها وتثبيتها في المناطق المستهدفة حتى في سنوات قلة الأمطار، متوقعا أن يظهر أثر بيئي ملحوظ خلال 3 إلى 5 سنوات من الغرس، مع تحسن تدريجي في جودة التربة وزيادة الرطوبة المحلية وارتفاع التنوع البيولوجي.
كما أبرز وجود شراكات مع جامعات ومراكز بحث وطنية لمتابعة نمو الأشجار وقياس تأثيرها على جودة الهواء والتربة والمياه والتنوع البيولوجي، لضمان استدامة النتائج وتطوير الخطط المستقبلية علميا.
استدامة الغطاء النباتي
ولضمان استدامة الغطاء النباتي الجديد في مواجهة الحرائق والتغيرات المناخية، تعتمد المنظمة على برامج صيانة وسقي مستمرة بالتعاون مع البلديات والمجتمع المحلي، وإشراك المواطنين في مبادرة "تبن شجرتك" لرعاية الأشجار إلى جانب استخدام أنواع مقاومة للحرائق والجفاف، وتطوير خطط حماية الغابات بالتعاون مع مصالح الحماية المدنية والغابات.
وختم رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، تصريحه مؤكدا أن هذه المبادرة الوطنية تعكس وعيا بيئيا متناميا لدى المواطنين ومساهمة فاعلة من جميع الفئات، بما يعزز التوازن البيئي ويضمن استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة في الجزائر، مع ضرورة الحفاظ على الأشجار المزروعة من خلال اعتماد غرس ممنهج ومدروس علميا يراعي نوعية الأشجار وظروفها البيئية، إلى جانب ضمان السقي المنتظم ومتابعة النمو، مشيدا بالتجاوب الكبير الذي لمسه من مكاتب المنظمة والمجتمع المدني عبر مختلف ولايات الوطن.

